مشاركة رئيسة وزراء المملكة المتحدة لأول مرة في الاجتماع التشاوري لزعماء دول مجلس التعاون المعقود مؤخرا بالعاصمة البحرينية لها مغزاها الواضح في رغبة بريطانيا في الانفتاح على دول الخليج العربي وفتح آفاق واسعة من التعاون البريطاني الخليجي، ويبدو أن الفرص سانحة ومتاحة لدعم أشكال التعاون بين الطرفين في مناحٍ عديدة، لا سيما المنحى الاقتصادي تحديدا في ظل التوجه الخليجي المشترك لقيام التكتل الاقتصادي الخليجي المنشود.
ولا شك أن أوجه التعاون بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي تبدو متاحة للغاية في ظل حجم الاستثمارات الهائلة بين لندن وعواصم دول المنظومة، وهو حجم كبير يدعم سبل التعاون البريطاني الخليجي ويدفعه الى آفاق جديدة وواسعة سواء في المجال الاقتصادي أو غيره من المجالات التي يمكن معها استثمار تلك الأوجه فيما يعود على المملكة المتحدة وشعوب دول مجلس التعاون بخيرات ومردودات ايجابية متعددة. من جانب آخر، فإن المملكة المتحدة بوصفها واحدة من الدول الكبرى ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن بإمكانها أن تلعب دورا فاعلا في مساهمتها بحلحلة الأزمات القائمة في المنطقة، فهي تتمتع بثقل سياسي هائل يمكنها من خلاله أن تؤثر بشكل ايجابي وفاعل في المساهمة مع الدول العربية والخليجية بإطفاء فتائل الحروب القائمة في المنطقة والعمل على ردم بؤر النزاع في أكثر من دولة عربية.
ويمكن للمملكة المتحدة وفقا لرغبتها في الانفتاح على دول مجلس التعاون الخليجي أن تلعب دورا فاعلا كذلك في المساهمة في تنمية شعوب الدول الخليجية وفقا لبرامجها النهضوية المرسومة، لا سيما بعد عملية تحويل المنظومة من مجال التعاون إلى مشروع اتحادي يمكن معه استغلال الفرص من الجانب البريطاني؛ لمضاعفة استثماراته في دول المنظومة والمشاركة الفاعلة في مختلف المسارات والبرامج التنموية الخليجية. وما يشجع دول المجلس على مباركة الانفتاح البريطاني عليها هو أن السياسة البريطانية ما زالت تؤيد مختلف المسارات السياسية المتفقة تماما مع توجهات الأمم المتحدة بنشر الأمن والسلم الدوليين وعدم التدخل في شؤون الغير ودعم الحلول السلمية وفقا للقرارات الأممية ذات الصلة بكافة الأزمات العالقة في المنطقة العربية لتثبيت الاستقرار والأمن في دولها وإبعادها عن شبح الحروب وويلاتها.
وقد اتضحت السياسة البريطانية في صورة من صورها أثناء مشاركة رئيسة وزراء المملكة المتحدة في الاجتماع التشاوري الخليجي الأخير بالمنامة، بشجب التدخل الإيراني السافر في الشؤون العربية والخليجية، فهذا التدخل ما زال ينشر التوتر الواضح في المنطقة ويهدد أمن واستقرار دولها، فالموقف البريطاني يرى أن التدخل الإيراني من شأنه استمرار فتائل الحروب في الاشتعال ونشر الطائفية وزرع بذور الكراهية بين الشعب الإيراني ودول الجوار. والمملكة المتحدة وفقا لسياساتها المعلنة والمشهودة ما زالت تشجب ظاهرة الإرهاب التي انتشرت في أصقاع متفرقة من العالم بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي، ويمكن للمملكة المتحدة وفقا لتلك السياسات أن تتعاون مع دول المنظومة لاحتواء تلك الظاهرة ووقف انتشارها ومردوداتها الخطيرة في كل أقطار العالم وفي الدول الخليجية وفقا للانفتاح البريطاني عليها ودفع مجالات التعاون البريطاني الخليجي الى مستويات جديدة ونوعية.