أصبح من الواضح وبشكل جلي أن الأمور بالمملكة العربية السعودية تسير بثقة أكثر من أي وقت مضى تجاه خصخصة الكثير من القطاعات أو الهيئات أو الوزارات الحكومية وخاصة الخدمي منها وإن كنّا قد تأخرنا في ذلك، ومن وجهة نظر شخصية قد يتم البدء بخصخصة بعض قطاعات وزارتي التعليم والصحة وقد تليهما خصخصة قطاعات أخرى كوزارة النقل ووزارة المياه بما في ذلك قطاع الكهرباء ووزارة الإسكان وكذلك البريد السعودي والمؤسسة العامة لتحلية المياه، وما يؤكد ذلك أيضاً القرار التاريخي «الرياضي» الذي أصدره مجلس الوزراء في جلسته الأسبوع قبل الماضي والذي نص على تخصيص الأندية الرياضية، وهذا التوجه بشكل عام سبقتنا إليه الكثير من الدول وكان سبباً رئيساً في تقدمها وتطوّر قطاعاتها الحكومية بالتحديد. والخصخصة «Privatization» بمفهومها العام هي تحويل القطاع الحكومي لقطاع خاص بما له وما عليه لغرض رفع الجودة والكفاءة وتحسين الخدمات وتخفيف الأعباء المالية على خزينة الدولة وترشيد الإنفاق وهو أكثر ما نحتاج إليه في هذه الفترات، ما سيجعل المواطن رابحاً أكبر على صعيد الخدمات بأقل تقدير، وللمملكة تجارب ناجحة في هذا الشأن عندما تم مسبقاً خصخصة قطاع الاتصالات في وزارة البرق والبريد والهاتف بمسماها القديم لتصبح شركة الاتصالات وكذلك خصخصة بعض قطاعات الخطوط السعودية مؤخراً، ولا أعتقد أننا بذلك سنواجه أي صعوبات قد تعيق هذا التوجه باستثناء تمكيننا للموارد البشرية السعودية وإعطائها الثقة وكذلك الإيمان بقدراتها لقيادة المرحلة القادمة وهذا من وجهة نظري هو حجر الزاوية.
ولطالما أن المفهوم العام للخصخصة هو تحويلها لقطاع خاص فمن الطبيعي والأجدر أن نعمل على إسناد مهام إدارتها باستقطاب قيادات سعودية ذات خبرة وباع طويل في القطاع الخاص لقيادة دفة القطاعات الحكومية المراد تخصيصها وهذا ما بدأت به فعلياً بعض الجهات الحكومية المتوقع تخصيصها حتى وإن لم يصدر أي قرار حتى الآن تجاه ذلك، وبالتأكيد ستبدأ خصخصة الوظائف القيادية للموارد البشرية أولاً ومن ثم الوظائف القيادية الأخرى تباعاً كالمالية والعمليات والتسويق والمبيعات. لذا إن عمل مسيرو دفة تلك القطاعات الحكومية بهذا المنطق العقلاني فستلوح فرص في الأفق مميزة للسعوديين من قادة القطاع الخاص لنقل تجاربهم الناجحة للقطاعات الحكومية المراد تخصيصها، وبالتأكيد إن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية سيدير هذا الملف بكفاءة واحترافية عاليتين عبر وزارتي الخدمة المدنية والاقتصاد والتخطيط. لذا نحن على موعد لرؤية الكثير من الأسماء السعودية المميزة من قيادات القطاع الخاص حالياً على هرم القطاعات الحكومية خلال الفترة القريبة القادمة، ليس ذلك فحسب بل يجب أيضاً العمل بشكل جاد على وضع برامج تدريبية مكثفة تستهدف موظفي تلك القطاعات الحكومية المراد تخصيصها لغرض تهيئتهم وتحضيرهم للمرحلة القادمة بشكل يتواءم مع متطلبات الخصخصة.
دمتم بخير،،،