قد يبدو العنوان من أكثر العناوين التي استخدمت لنقد المناهج الدراسية في بلادنا، لكنه سؤال حقيقي فلماذا نرسل أبناءنا الى المدرسة ومعظم الاعمال التقنية والمهنية واليدوية في بلادنا بيد الأجانب؟. هل نرسلهم فقط ليتعلموا المواد الانشائية والعلوم النظرية؟.. هل هذا ما علينا أن نفعله؟ والاجابة المنطقية أننا نفعل ذلك بسذاجة، والأدهى والأمر أن مدارسنا وجامعاتنا تؤيده وتصر عليه من خلال حصرها التعليم العلمي لا النظري لمن تريدهم هي أو عبر قياسها أو الوساطات.
هل نعلم أن التلميذ السعودي الأكثر تلقيا للتلقين عالميا على خلاف الفهم والادراك والاستيعاب للمادة الدراسية؟، وهل ندرك أن هذا التلميذ يعنى بنحو 75% من المناهج النظرية ولنكن اكثر وضوحا من خلال مواد الدين واللغة العربية ووفق احصائيات لا ينافسه فيها أي تعليم في العالم؟! ثم بعد هذا نسأل انفسنا لماذا تعليمنا غير مثمر؟ ولماذا لا نجد وظائف أو اعمالا خاصة لأبنائنا المتخرجين؟!.
علتنا قائمة وإشكاليتنا ظاهرة بأن هذا التعليم هو مرتكز تأخرنا، فالتقنيون البسيطون والمهنيون الممارسون هم أساس تطور الأمم، ونحسب أن مدارسنا لو نحت الى الجانب العلمي في مناهجها على حساب التلقيني النظري المسيطر، لما شاهدنا أكثر من 10 ملايين أجنبي يتحكمون في سوق العمل السعودي.
أمام هذا الأمر هل سأل احدكم نفسه لماذا نرسل أبناءنا الى المدارس في ظل السيطرة المناهجية التي لا تعين على التطور؟ وإزاء ذلك قد يخرج من يقول ان لدينا مدارس أهلية «خاصة» تستطيع أن ترسل ابناءك اليها لكي ينعموا بالتعليم الذي تريده؟ ولا أسخف من هذا السؤال إلا مرددوه لأن الإجابة عنه سهلة من خلال أن كم نسبة السعوديين الذين يستطيعون ارسال أبنائهم الى المدارس الخاصة؟ هل هي 10% أم 5% أم أقل من ذلك؟.. وهنا نتحدث عن وطن ومجتمع كامل وليس أصحاب أموال وقدرة.
ما نتمناه- إذا كنّا نريد أن نحقق رؤيتنا التي تستشرف المستقبل في ظل مواكبة التطور والنمو في الفكر المجتمعي السعودي وفي الاستثمار المالي السعودي والدخول في عالم المنتجين صناعيا وتقنيا- أن نحذو حذو أولئك الذي تجاوزوا كل العقبات من خلال الانتقال من التعليم التلقيني الى التعليم العلمي المتميز سواء في الغرب أو في الشرق أو من خلال من يشبهوننا خليجيا.
لنقتحم سياسة التعليم العليا ونبدل في أركانها فهي ليست قرآنا منزلا.. نكيفها وفق ما يحتاج الرقي والتقدم مقابل أننا لا نتخلى عن ثوابتنا.. نفعل مثل ما فعلت ماليزيا وحتى اندونيسيا وسنغافورة التي وجدت في التعليم المتميز السبيل لتكون حضارات متقدمة فكرا وعلما واستثمارا وهما اللتان ليس لديهما ما يكفي من الناتج المحلي.. لكنهما وجدتا في التعليم الغنيمة الأكبر.
المشكلة هنا أن أي وزير يعتلي كرسي الوزارة يدرك المشكلة ويؤمن بأنها قائمة، لكنه لا يفعل شيئا لتغييرها والسبب أن الأمر مُناط بسياسة تعليمية. وبالطبع لن يرغب أن يكون في تصادم، لأن ذلك كفيل بإشغاله بنفسه إن لم يكن عن الوزارة بما فيها!.
ختام القول: لنكن أكثر جرأة لأجل مستقبل بلادنا وأبنائنا.. أما اذا ما خنعنا واصبحنا لا نستطيع أن نتكيف مع زماننا، بل نريد زماننا ان يتكيف معنا رغما عنه.. فلن ينفعنا أي مشروع أو رؤية!.