ينظر لظله يبدو أكبر منه بكثير وأطول، ويحاول التبرؤ منه لكن الظل يلاحقه كخصم لدود، أو جنحة، أو دين، يركض خلف صاحبه، وهو مستمر بالركض والظل كذلك. سيعيش الكل قريبا في ظله الأسود، ولن يكون لأي شخص ظل. العالم كله ينتفض ضد ظل ترامب الذي لم يحكم بعد، أمريكيون طلاب وأقليات وأكثريات، اذن من انتخبه، الكل في قلق سوق المال، وسوق الصراعات. وها هو الربيع العربي يأخذ منحناه الأغرب لتقرب هجرته للغرب بثوب جديد ليكون الظل الشتوي، أو الشتاء الأسود على الأمريكيتين وأوروبا. ولأول مرة تتحالف الرأسمالية والشيوعية ليكون المقبل هو الأقسى والأكثر اخافة للعالم كله فلا تحالفات ستصمد في وجه الظل فقد يكون قناع الاستعمار المعاصر.
في فوز ترامب أكثر من درس قاس، ونحن بحاجة لتشاركه جميعا. لنعترف للرجل أنه راهن وحده ضد كل العالم، ووقف وحيدا أمام تخلي أقرب الأقربين عنه «الحزب الجمهوري» لكنه آمن بنفسه واستحق هذا الفوز وان شكك البعض به فهو بلا شك الرئيس المقبل «اذن صارع لتحقيق أهدافك، وان آمنت بنفسك فأنت لا تحتاج لأكثر من ذلك». حملة ترامب الانتخابية لم تخل من الحيل والتحالفات حتى مع من كان عدو أمريكا في الحرب الباردة، أمر لم يثن الرجل أن يتحالف مع كائنا من كان ليصل لغايته «درس مهم لمن ما زال يظن أن الغاية لا تبرر الوسيلة» لأن هناك من يرى صحة العكس. ما الفرق بين رسالته المكتملة التطرف في التعامل مع كل قضية حوله عدا قضايا البيض الأمريكيين، وبين إيران وإسرائيل وحيلهما. هل سنناصب العداء للرجل قبل تنصيبه، وقد ناصبنا الغطرسة اثناء انتخابه، هل من الصواب أن ننظر لحملته وما اعلنه، أنه كما يقول الساسة ترويج لكسب مزيد من الأصوات، أم أننا نعد الأيام لنقف أمام رئيس صراعه من أجل دولته سيكون قمة الاخلاقيات الممكنة والمستطاعة. لنضع في حسباننا أن الرجل لا يعي الا الدروس الاقتصادية وهو في الصف الأول ومستعد لتلقين الجميع دروسا خصوصية في هذا المجال فلا ينبغي منازعته فيما يعلم. هل سيتغير وضع الشرق الأوسط الذي يعيش «على ظل رجل»، بالأكيد ترامب ربما سيؤيد التدخل مرة أخرى في العراق ليكون الاحتياطي النفطي بيده لكن هل ستكون هذه هي شرارة الصراع بينه وبين ايران استنادا على التحليلات وهل هذه بداية اغلاق الملف النووي الايراني وهل سيفسد الملف الايراني التحالف الأمريكي الروسي؟. ان صدق في تنصله من التزامات الولايات للامم المتحدة في اتفاقية المناخ فهي كارثة بيئية لكنها بلا شك منحة ضخمة للدول المصدرة للبترول وهي دلالة أن الرجل متخذ قرار لا يعتد لمشورة صانعي القرار أمام بريق كل ما من شأنه أن يلمع. دول العرب قد لا يتغير عليها الحال فظل ترامب لن يختلف عن ظل أوباما سيرتبط الاثنان بالحروب والصراعات من أجل النفوذ والمال ليكون الظل واضحا في صورة الاستعمارية الحديثة.