نكتب إما عن السياسة أو الرياضة أو متناقضات واختلافات ومتطلبات وتصادمات المجتمع، لكن لم يتسن أن ننشد أهم ما يحتاجه المجتمع وهو ما يذهب الى صحة ذهنه وبدنه.
ففي زمن التوتر والمقلقات، في وقت تسارعت فيه الحياة وضاق الوقت كثُر من يشتكون من السمنة والكسل، من التوتر والقلق، وأجدهم محقين فيما ذهبوا اليه، فمعظمنا قد تخلى عن أهم مصدر للتنفس المريح واستعادة التوازن البدني.. تخلينا عن المشي الذي كان جزءًا من حياتنا فتخلت عنّا الصحة.
لفت نظري مثل ذلك وأنا إزاء صديق قرر اللجوء لمشرط الجراح بسبب أنه يعاني بعض سمنة وليست بدانة مفرطة، وكل ما يحتاجه هو برنامج رياضي واعتدال غذائي، لكنه وفي خضم انشغاله وتوتره عملا وتفضيله الاسترخاء حين فراغه لم يدرك أن رياضة المشي هي الرياضة السائدة للتعبير عن التخلص من الضغوط، ولم يع أيضا أن ذلك ما دفع دولا كثيرة من بينها بلادنا لتخطيط مسارات المشي أمام كل شاطئ وحول كل حديقة.. في بلادنا نشتكي من الكسل رغم أن الظروف مواتية لممارسة المشي والتخلي عن فوائض الوزن الزائد.
في السابق وتحديدا قبل نحو اربعة عقود كانت القدمان السبيل الأمثل لقضاء كل متطلبات الحياة الأمر الذي جعل الأمراض النفسية والأوجاع الجسدية بعيدة عن كثيرين حتى وإن كان مستوى الطب والدواء اقل مما هو عليه الآن، لكن ولأن الرفاهية زادت والاستراحات والديوانيات انتشرت زاد الوهن وزاد معه القلق حتى اصبحنا نستورده ايضا من أحداث العالم المتحارب من حولنا، ليكون المشي عوننا لتفادي او لتقليل مثل ذلك، لكننا رفضنا هذا العون، بل تجاهلناه.
الله - سبحانه وتعالى - خاطبنا بقوله: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) الأمر الذي جعل المشي ضرورة تنمي توازن الإنسان وتحافظ على لياقته البدنية وتقضي على الكثير من الأمراض التي يمكن ان تعتريه من قلة حركته ناهيك عن أن الرسالة الربانية تجعله ضرورةً قائمة للتكسب ونيل الرزق، ورغم ذلك فالناس في بلادنا يعانون ترسبات الخمول والراحة وكثير منها أفضى الى ان تكون امراضاً، ولتسمحوا لي أن احدثكم عن اكبر علامات الخمول وهي تلك الخاصة باللجوء الى العمليات الجراحية لاقتطاع جزء من المعدة أو ما يشبه ذلك من تدخل جراحي لانقاص حجمها او تضييقها، ولأن الكسل هو السائد فلا مانع من فعلها رغم ان الرياضة والمشي سبيلان افضل حتى وان تطلب ذلك وقتا أكبر.
ختام القول: الدعوة للابتعاد عن العبث بالأبدان استئثارا بالراحة، فلو علمنا حقيقة المشي وتأثيره على الناحية السلوكية والنفسية وكيف أن الأطباء في الغرب باتوا يصفونه كعلاج اولي لمن يعانون التوتر النفسي لما تخلينا عنه ابدا، لكن من يقنعنا بذلك، واعلانات تلفزيوناتنا وصحفنا ومواقع التواصل جميعها تنساق خلف الاجراءات الأسهل للتخلص من السمنة أو الاجهاد النفسي عبر العقاقير والعمليات الجراحية السريعة؟!.