باستقراء ما جاء في تضاعيف التقرير السنوي الثاني والخمسين لمؤسسة النقد العربي السعودي، المستعرض للتطورات الاقتصادية والمحلية والعالمية للعام المالي المنفرط، والذي سلم يوم أمس الأول لقائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله -، يتبين تصاعد وتيرة النمو الايجابي لاقتصاديات المملكة رغم الهزات العنيفة التي تعرضت لها اقتصاديات الكثير من دول العالم في الشرق والغرب.
التطورات النقدية والمصرفية وميزان المدفوعات وتطورات القطاع الخارجي والمالية العامة والقطاعات النفطية تدل دلالة واضحة على أن اقتصاد المملكة ينمو بشكل جيد، رغم ما اكتنف أسعار النفط من هبوط حاد، ويعزى ذلك إلى السياسة النقدية الحكيمة التي تمارسها القيادة الرشيدة، والتي أدت إلى وتيرة تنموية في قطاعات غير نفطية بنسب معقولة، يؤكد أهمية تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
ويلاحظ من فحوى التقرير، بروز نجاحات مستمرة لأنشطة التأمين والتمويل والسوق المالية وازدياد الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي وكذلك انخفاض نسبة التضخم، وكلها مؤشرات تؤكد عافية وصحة المسيرة الاقتصادية الناجحة التي تنتهجها حكومة خادم الحرمين الشريفين، والتي أدت إلى تنمية اقتصادية واضحة في مختلف القطاعات، وهو أمر يدعو للاطمئنان ويدعو في الوقت ذاته للاعجاب بالادارة الاقتصادية الحكيمة بالمملكة.
استمرار مساهمة القطاع النقدي والمصرفي في الحركة الاقتصادية من خلال توفير السيولة الملائمة لتمويل الأنشطة الاقتصادية، يمثل خطوة حكيمة من أجل الوصول إلى الاستقرار الاقتصادي المنشود بالمملكة، وتلك مساهمات كان لها أثرها الواضح في التنمية الاقتصادية التي شهدتها المملكة، خلال العام الفائت، وهي دليل قاطع على أن الاقتصاد السعودي الشامخ سوف يحقق مزيدا من الاستقرار خلال السنوات القليلة القادمة.
وهذا يعني فيما يعنيه أن المملكة سوف تحقق الكثير من النجاحات، عبر مسارها التنموي الجديد، وفقا للرؤية الطموح 2030، وكذلك برنامج التحول الوطني من خلال تنويع الاقتصاد ورفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة؛ للوصول إلى مرحلة تعزيز التوازن في الانفاق العام من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية، وهي زيادة ملحوظة أدت إلى عدم التأثر الكبير بانخفاض النفط في الأسواق العالمية.
ووفقا للمسار التنموي الجديد المتكئ على تلك الرؤية الاقتصادية الجديدة للمملكة، فإن ذلك يعني أن الأهداف التنموية سوف يتصاعد نموها تدريجيا بحكم أن تلك الرؤية سوف تعزز آليا الاستقرار المالي والنقدي وتعزز كذلك التكامل بين محاوره الرئيسية المتمثلة في مؤسسات مالية ناجحة، وهو نجاح يعزى لما يبذل من جهد واضح أدى إلى تحقيق التوسع في الأنشطة الاقتصادية المختلفة.
اقتصاد المملكة سوف يبقى في خير وعافية بفضل الله ثم بفضل جهود القيادة الرشيدة، التي رسمت للوطن سلسلة من الخطوط العريضة، التي ما زالت تحقق المزيد من المكاسب الاقتصادية المتصاعدة، رغم ما طرأ على أسعار النفط الذي يشكل أكبر دخل للمملكة من هبوط حاد يكاد تأثيره يكون طفيفا وغير ملحوظ، بفعل ما طرحته الحكومة من أفكار حكيمة؛ للخروج من الأزمة النفطية العالمية بأمان وسلام.