كثير من السلوكيات البسيطة والمعقدة تشكّل الحالة المتكاملة لاختراق الأمن الوطني والاجتماعي والاقتصادي، غير أنني أتوقف عند ما يبدو حالة بسيطة لأنها في باطنها عميقة، مثل الحالات الساذجة لتهريب الفتيات الأجنبيات عبر المنافذ، والتي أراها زادت في الفترة الأخيرة وفقا للأخبار الصحفية وتصريحات مسؤولي المنافذ ومن بينهم جسر الملك فهد حيث يتم إخفاء هؤلاء الفتيات بصورة متقاربة في غالب الحالات خلف المرتبة الخلفية الثالثة، وتغطيتها بالفرشة الأرضية للمركبة للتمويه على المراقب الجمركي.
جميع من في المركبة مجرمون لا ضحايا بالتأكيد حتى ولو فقدوا عقولهم بسبب المسكرات، ولا يمكن قبول إدخال مثل هذه القنابل البشرية المؤقتة بمثل هذه الطرق غير المشروعة، لأننا نفترض بداهة غياب الوازع الديني والأخلاقي والإنساني في كل الأحوال بما يجعل مثل هذا الدخول جريمة كبيرة بحق بلادنا، تستهدف إشاعة فوضى أخلاقية وسلوكية لغير مؤهلين للتواجد في وسطنا الاجتماعي، لأن اللاتي يتم تهريبهن لم يقدمن لأجل الحج أو العمرة أو طلب الرزق الحلال وإنما لممارسات غير سوية تسهم في انهيارات أخلاقية ويتبع ذلك نشر أوبئة ضارة بالصحة مثل الإيدز وغيره وهي أمراض مكلفة في علاجها وتخرج الضحايا من دائرة الإيجابية الى السلبية.
تهريب البشر جريمة دولية مثلها مثل تجارة الرقيق وغسيل الأموال وتهريب المخدرات، ولا تخرج عن نطاق تهديد الأمن الوطني، لذلك من المهم تشديد العقوبات التي تصل حد إفاقة الذي يذهب عقله ليدرك فداحة ما يقدم عليه وهو يتجه بمركبته الملغمة تجاه الحدود بنية الدخول غير المشروع أو التحايل على الأجهزة الأمنية عند المنافذ، ولا ينبغي السماح مطلقا بتقدير حالات البعض وهم يرتكبون هذه الجريمة والتساهل معهم لأنهم ليسوا في حالة طبيعية التي يمكن أن تكون غطاء لارتكاب الجريمة التي تعتبر من الخطورة بما تستحقه من الردع المناسب مع تزايد حالات التهريب.
إننا أمام ارتفاع معدلات تهريب الفتيات بحاجة الى مراجعات جنائية للأنظمة لوضع حد لذلك، لأننا في خضم مرحلة أمنية من الاستهداف ومحاولات التعطيل وصرف الأنظار عما هو مهم وأهم في مسيرتنا، وهي جريمة تتساوى مع جريمة تهريب المخدرات، وأصبحت توظفها أجهزة دولية ومنظمات إجرامية من أجل خصم الشباب من القوة والقيمة المجتمعية للدول المستهدفة، ولذلك فليس من سبيل لأي تسامح مع مثل هذه الاختراقات وإيجاد المبررات للشباب الذين يعملون على التهريب في سياق النزوات أسوة بأي أجانب يفعلون ذات الجرم، لأن النتيجة واحدة والمحصلة هي نفسها خسارة وطنية فادحة وإرهاق غير مبرر لأجهزتنا الأمنية وإدارة الجمارك التي إن تساهلت في حالة فإنها قد تجد نفسها تمرر غيرها من الحالات، باعتبار أن من يفعلون ذلك شباب طائشون وفي غير وعيهم والتماس أعذار لهم أو حتى الحكم عليهم بأحكام غير رادعة تغري غيرهم أو تحفزهم لتكرار الجريمة.
من الأهمية القصوى تشديد عقوبات تهريب الفتيات عبر المنافذ بما يليق بمترتبات وتداعيات الجريمة وتأثيرها السلبي على الأمن الوطني والاجتماعي، وتهديد أخلاقيات الشباب في وقت نعمل فيه لحماية شبابنا من هذه الجرائم بينما نجد أنفسنا نفتح نوافذ تهب عبرها رياح مسمومة ونتنة.