فقدت الأمة الإسلامية والعربية وبالأخص الشعب الخليجي بطلا من أبطالها وركنا مهما من أركان منظومتنا الخليجية الذي استطاع قيادة شعبه إلى بر الأمان وشواطئ الاستقرار، وتمكن من تخليص بلده من هيمنة الاستعمار البريطاني عندما تلا بيان الاستقلال عام 1971م إنه الامير خليفة بن حمد آل ثاني- رحمه الله.
عندما نتحدث عن هذا الأمير الفذ الذي تولى الحكم في بلده من عام 1972/1995م فإن المقام لا يسع كافة إنجازاته وإصلاحاته وما قام به في الخفاء من أعمال الخير والبر والإحسان حيث لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، فقد أعاد تكوين مجلس الشورى واستحدث عددا من الأجهزة الحكومية ووسع الحكومة لتشمل 17 وزيرا، وقد أسهمت قطر في عهده- رحمه الله- في تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981م هذا المجلس الذي يعتبر علامة فارقة مقارنة بالكثير من المنظمات الإقليمية والدولية نظير ما حققه من انجازات وتلاحم بين شعوبه واستمراريته حتى الآن، حيث يحسب الفضل- بعد الله- لقادة تأسيس المجلس ومنهم الشيخ خليفة بما ننعم به من استقرار في دولنا في ظل هذا البحر المتلاطم حولنا من الفتن والنزاعات والحروب.
لقد تناقل خبر وفاة الشيخ خليفة أغلب وسائل الإعلام وأبرزته تأكيدا على أن هذا الفقيد ليس رجلا عاديا وإنما علما يشار إليه بالبنان ورقما صعبا في موازين الرجال الأكفاء الذين قدموا وضحوا بحياتهم ووقتهم لخدمة دينهم وأوطانهم فحصدوا الثناء وما زالوا بيننا من الأحياء رغم وفاتهم بذكراهم الطيبة وخدماتهم الجليلة.
لقد ضرب الشيخ خليفة بحسن تعامله وفنه في الدبلوماسية والحرص على ترابط الشعب الخليجي أروع الأمثلة عندما تصرف بدبلوماسية في بعض المواضيع الحدودية التي أكد دائما أنها لا يمكن أن تفسد علاقات القربى والمصالح المشتركة بين أبناء مجلس التعاون.
عرف عن الفقيد حبه للخير ودعمه ومساندته للمحتاجين والفقراء، وله أياد بيضاء امتدت لتصل لكافة البلاد العربية والإسلامية، ويذكر المقربون منه أنه كان سريع البذل والعطاء وتسعده الابتسامة على شفاه الأيتام والفقراء الذين يرغب في مساعدتهم في السر أكثر منه في العلن، وله أعمال إنسانية يشهد لها القاصي والداني في أغلب الدول الصديقة.
كما تميز الفقيد ببساطته وعفويته التي جعلته أخا ووالدا محبوبا من جميع أفراد شعبه يستقبل الجميع بصدر رحب وابتسامة تجعل الجميع يبثون ما في مكنون صدورهم دون خوف أو وجل، كما فتح بابه للجميع لقضاء الحاجات وإنهاء المطالبات وتسيير الأمور التي تواجه تأخرا في إنهائها بالشكل الطبيعي بسبب تكاسل مسؤول أو وشاية حاقد.
وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد سلمان إلى دولة قطر لتقديم واجب العزاء لتؤكد عمق العلاقات الطيبة بين البلدين والمكانة الكبيرة التي حققها الفقيد ليحظى بهذا التقدير من زعماء العالم على أعلى مستوى.