يستخدم داعش المدنيين لمواجهة قوات تحرير مدينة الموصل، ويستخدم الحوثيون المدنيين أيضا لإبراز صورة سلبية للتحالف الداعم للشرعية، داعش يعمل على تجنيد الأطفال، وكذلك يعمل الحوثيون، الأول مغرق بفكرة الإمامة والآخر بفكرة الخلافة، وكلا الطرفين عملاء يعملون على تنفيذ أجندات خارجية، يستغلون الدين لخدمة الأغراض والمنافع السياسية. داعش استخدمته إيران كأداة لتبرير حضورها، ومشاركة الحشد الإيراني، فالمهمة الرئيسة لهذا الحشد، هو التمهيد للتمدد الإيراني؛ لإقامة قاعدة إيرانية في تلعفر، بينما كانت مهمة الحوثيين إقامة جيب إيراني في صعدة، جيب معطل للعملية السياسية في اليمن، مثلما يعمل (حزب الله) في لبنان، والذي انتقل من خندق المقاومة، إلى الخندق الطائفي العلني والمعلن.
في الموصل داعش يحاصر القرى ويفخخ الجسور، والطرقات الرئيسة، ويعمل على تدمير المنشآت الحيوية، وفي اليمن، يعمل الحوثي وصالح للتعاون مع القاعدة وداعش، ويقومون بتدمير الجسور، ويفخخون ويستهدفون صالات العزاء، ويلغون المدارس والجامعات، ويبيحون المحظورات؛ لأن الغاية تبرر الوسيلة. المحصلة أن التنظيمات الإرهابية المتطرفة، تعمل لأجل هدف واحد، وهو تبرير التدخلات الخارجية، والعمل على تفتيت الدول والمجتمعات، وأن الدول الكبرى تتعامل مع الجميع، وتستغل الجميع وتحرضهم بعضا على بعض؛ لأنها ترغب بإدامة الفوضى والإرهاب.
في الموصل إيران حاضرة بقوة وكذلك في اليمن، والهدف تعميق الفوضى فإيران لا تستطيع العيش في بيئة مستقرة، كما أنها لا ترغب ببقاء هوية واحدة للدول التي تتواجد فيها. تواجد قاسم سليماني في جبهات القتال صوري وإعلامي، تريد إيران من خلاله ترسيخ فكرة البطل العابر للأهوال والتعقيدات، لكن لم يسأل أحد ماذا فعل سليماني، ما النتائج التي حققها، غير نتيجة وحيدة، وهي التحكم بالميليشيات، وتغرير الشباب الإيراني، ففكرة البطل حاضرة في التاريخ الإيراني، سواء كان بطلا دينيا أم عسكريا.
في الموصل بعد التحرير ستكون مجزرة غير عادية تذكرنا بقانا ودير ياسين، حيث الهدف الإيراني تفريغ المناطق من ساكنيها، وهو الأمر الذي دفع تركيا للدفاع عن السنة، وكل دولة لها أهداف وطموحات ومطامع أيضا، وبعد التحرير ستكون القسمة الإدارية، حيث سينشأ الإقليم السني وهذه المرة سيكون تحت الرعاية التركية، فيما الإقليم الشعيي تحت الرعاية الإيرانية، وبغداد ستكون دولية للجميع.
علينا أن نعي أن الإرهاب الذي نراه ليس تعبيرا حقيقيا عن الدين، فداعش لا تعبر عن السنة، والحشد الشعبي لا يعبر عن الشيعة، بل إن كلا الطرفين تعبير عن المصالح الدولية التي انتجت هذه المدارس وتفننت في تضخيمها.
هذه التنظيمات - القاعدة وداعش وحزب الله وحركة الحوثي والحشد الإيراني - هي ولادة مختبرات الأجهزة الأمنية، وهي تعبير عن أدواتها المخيفة والمخفية لزرع الفتن في بلداننا، وخطوة للمساهمة في الضرب أسفل جدار وحدتنا الوطنية وتعطيل مسارات التنمية في هذه الدول.
وفي اليمن ولبنان، تعتبر هذه التنظيمات نفسها قوة فوق القانون، تملك السلاح، في حين ان الجيوش والحكومات من يملك الاحتكار الشرعي للقوة، بينما تضيق إيران ذرعا بمجاهدي خلق أو القوة البلوشية أو ببعض الأحزاب العربية في الأحواز، أو بحزب العمال الكردستاني في مهاباد أو أن يرفع عربي راية عربية في المحمرة.
إن علينا أن نعي جيدا أن الدول الكبرى والإقليمية لها مطامعها في دولنا ومجتمعاتنا، حتى وإن أتت إلينا المرة تلو المرة بلبوس الدين والهوية، أو بحماية الأقليات ومشاركتهم السياسية.