الذين يقرأون التاريخ فقط هم من يدركون أسباب ما تتعرض له المملكة من حملات ومحاولات الإساءة من أطراف عديدة لا تخفى أهدافها ومطامعها في المنطقة، وهي أطماع تحاول التستر خلف مقولات عديدة وادعاءات باطلة، وتوظيف أدوات محلية أحيانًا عن طريق الخداع والكذب والافتراء والوعود الكاذبة، وهي محاولات لا تترك وسيلة إلا اتبعتها لتحقيق غاياتها في الهيمنة والنفوذ ونهب الإمكانيات والثروات، ومن الطبيعي أن تكون المملكة أول من تصطدم به هذه المحاولات انطلاقًا من مكانتها الدولية وتأثيرها في العالمين العربي والإسلامي، وما تربطه من علاقات الصداقة والمصالح الاقتصادية والسياسية مع العديد من دول العالم.
لقد كانت المملكة دائمًا وما زالت حريصة على إقامة أحسن العلاقات مع دول العالم وشعوبه شرقًا وغربًا، وخاصةً مع الأشقاء في الدول العربية والإسلامية والعالم الثالث، وكذلك مع الدول الكبرى، وعلى علاقات حسن الجوار مع الدول الشقيقة في المنطقة، لكن ذلك لا يعني أبداً أن تتخلى عن حقها في حفظ مصلحتها وسيادتها الوطنية، ولا عن مكانها ومسؤوليتها الشرعية والإنسانية تجاه الأشقاء في الدول العربية والإسلامية، فموقف المملكة من القضية الفلسطينية موقف ثابت لم يتزعزع منذ أن تعرض الشعب الفلسطيني الشقيق للظلم التاريخي الذي ما زال يعاني منه حتى الآن، أما مواقف المملكة مع سائر الشعوب الشقيقة أثناء مرحلة التحرر الوطني فهي مواقف لا تنسى، وكذلك ما قدمته من دعم وتأييد سياسي واقتصادي يذكر فيشكر، وكذلك مواقفها تجاه الدول الشقيقة والصديقة في إفريقيا وآسيا مع بدايات استقلال هذه الدول وبناء الدولة الوطنية، أما دعم المملكة ودورها في المنظمات الدولية والإقليمية فهو دور يحتاج إلى صفحات ودراسات لتوفيه بعض حقه من الإشادة والذكر الحميد. كل من يعرفون هذه الحقائق على يقين أن هذا الرصيد التاريخي من المواقف المشهودة أقوى وأكثر رسوخًا من كل محاولات التشكيك والإساءة، وما تلقاه مواقف المملكة في المحافل الدولية من تعاطف وتأييد، وتبني العديد من الدول وعلى رأسها دول التحالف العربي لمواقف المملكة، والحب والتقدير الذي تعبر عنه الشعوب الشقيقة والصديقة أوضح رد على كل مواقف الحقد والكراهية والمواقف السلبية المؤدلجة التي سريعًا ما تكشفها البصيرة والبصائر عندما تتجلى المواقف وتظهر الحقيقة التي يحاول المغرضون والحاقدون إخفاءها. لقد كان التفهم الذي لقيه بيان قيادة التحالف العربي بشأن التحقيق في حادثة صالة العزاء المؤسف في اليمن الشقيق دالاً على المصداقية التي تتصف بها المصادر السعودية بالقدر نفسه الذي كان فيه هذا الموقف من الصدق والصراحة والرغبة الصادقة في الوصول إلى الحقائق وإعلانها بلا تردد أو حرج مما جعل كل الجهات التي حاولت أن تستغل هذه الحادثة للإساءة والاتهام والتشكيك أن تتوقف مكانها مستسلمة أمام هذا الرد العملي الذي يؤكد مصداقية المصادر السعودية وثبات مواقف سياستها حتى في أسوأ الظروف.
ولعل ذلك يبدو واضحًا في الدراسة العلمية التي أجراها باحثون من ثلاث جامعات أمريكية هي شيكاغو وميشيغان وإنديانا مؤخراً عن التعاطف الذي تلقاه مواقف دول العالم، حيث جاءت المملكة في المركز الثاني بين أكثر عشر دول تلقى مواقفها التعاطف من عينة البحث فيما لم تأت أي دولة من الدول العظمى بين هذه الدول باستثناء أمريكا التي جاءت في المركز السابع، وتأتي أهمية هذه الدراسة أو تكتسب أهميتها من كونها صادرة عن جهات علمية محايدة، ولعل ما أوضحته أيضًا يكون رداً يفحم أولئك الكارهين والمسيئين ويخرس أفواه الحاقدين، ويثلج صدور محبي المملكة ومحبي الحقيقة وأنصار العدل في العالم أجمع.