زلة اللسان قد تكون هي قناعتنا العميقة التي نجهد في إبقائها غير معلومة للآخرين، فتفلت أحيانا في غفلة منا وتوقعنا في حرج شديد، نواصل بعدها كنس الفوضى والضرر الذي أحدثته قناعاتنا الحقيقية.
ربما هذا الذي وقع فيه الرئيس النيجيري محمد بوهاري الأسبوع الماضي أثناء زيارته لألمانيا عندما فاجأه أحد الصحفيين بسؤال عن تصريح زوجته ضده في إحدى وسائل الإعلام فرد الرئيس النيجيري البالغ من العمر 73 سنة فيما أراده أن تكون مزحة «أنا لا أعلم إلى أي حزب تنتمي زوجتي، لكني أعرف مؤكدا أنها تنتمي إلى مطبخي، وصالة المعيشة، وغرف أخرى في بيتي!» ملمحا إلى غرفة النوم.
وكانت عائشة بوهاري زوجة الرئيس النيجيري قد تحدثت في وسائل إعلام قائلة «الرئيس لا يعرف 45 من بين 50 مسؤولا عينهم، ولا أعرفهم أنا أيضا رغم أني زوجته لمدة 27 سنة، إذا استمر الحال على ما هو عليه، لن أخرج من جديد في حملات انتخابية دعما له كما عملت سابقا».
محمد بوهاري في حديثه ذاك غاب عنه أنه في ألمانيا بلد المساواة بين الجنسين وأن من يقف الى جانبه على منصة المؤتمر الصحفي امرأة، هي المستشارة الألمانية «انجيلا ميركل» التي نقل عنها الصحفيون الحاضرون في المؤتمر أنها حدجته بنظرة مستنكرة، لكن لاوعي الرئيس كان هو المتحدث.
أثار تصريح الرئيس غير اللائق عن زوجته الكثير من السخط وانتقد الكثيرون هذه النكتة الفجة كما سمتها الصحافة.
دانيال بيكل مدير فرع منظمة حقوق الإنسان بأفريقيا قال عنها إنها جارحة وفيها تمييز جنسي ضد المرأة وطالب الرئيس بالاعتذار عن نكتته وحث المنظمات الأفريقية المدنية بإدانة تصريحات بهاري المبخسة للمرأة.
الرئاسة النيجيرية لم تتردد في المسارعة بمحاولة تلطيف الأجواء التي أثارتها نكتة الرئيس فقال المتحدث الرئاسي الرسمي عبر حسابه في تويتر إن «تصريحات الرئيس يجب ألا تؤخذ على محمل الجد، وإن السياسة أحيانا يجب أن «تبهر» بالفكاهة، وإننا نحن الذي نحيط بالرئيس نعلم أنه يضع للمرأة مكانة محترمة ويؤمن بقدراتها الذاتية». لا شك أن المراقب الحالي للساحة السياسية الدولية يستطيع أن يرى نموذجين مما يمكن أن نطلق عليه «الزوج السياسي» حيث يحترف الزوج والزوجة السياسة ويصل أحدهما إلى كرسي الحكم، «آل بوهاري» المنتمي للعالم الثالث أحدها، «آل كلينتون» يمثلون النموذج الآخر حيث الانسجام السياسي والعاطفي التام كما يظهر بين مرشحة الحزب الديمقراطي للبيت الأبيض هيلاري كلينتون وزوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون وبينما يبدو الزوج الأمريكي «بيل» متفهما وداعما لزوجته، ونرى وجهه حين تلتقطه الكاميرا في مناظراتها الشرسة مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب، يكاد ينطق إشفاقا عليها، نرى قناعات محمد بوهاري عن المرأة تقفز إلى العلن وهو يهاجم زوجته في وسائل إعلامية عالمية ويلمح إلى اقتصار حركتها كامرأة في إطار البيت، أثناء وقوفه إلى جانب أقوى امرأة في العالم المتقدم!.
* روائي وكاتب