المراقب للعلاقات العربية، يشاهد ويلاحظ أن معسكر إيران يجتهد في اختطاف دول عربية لتدور في ترس الآلة الإيرانية، ويصور أن هذا الاختطاف يوفر لها موقعا زعاميا، ولا يقول لها: إن اختطافها وضمها إلى محور إيران يجعلها ميليشيا تابعة للحرس الثوري الإيراني، فحسب، لا زعامة ولا يحزنون.
لأن كل العرب الذين يوالون إيران هم إما ميليشيات أو تعاملهم إيران على أنهم ميليشيات، فنظام خامنئي ليس دولة مدنية طبيعية، إذ سلطة الولي الفقيه تتمحور حول الحرس الثوري، وكل مكونات الدولة الإيرانية تعمل لصالح الحرس، من وزارة الخارجية إلى شركات الأعمال.
وليس لدى إيران أية علاقات مع أي دولة خارج مفهوم الميليشيات، وتأسس الدبلوماسية الإيرانية أيضا على أيديولوجيا الميليشيات، فهي، من لبنان إلى نيجريا، تجند فقراء ومراهقين ومرتزقين، وتسلحهم ليكونوا خلايا يتلقون أوامر الحرس. وتتحسن علاقات إيران الدبلوماسية أو تسوء حسب سماح الدول بتأسيس مراكز ميليشية، وقد طردت المغرب والسودان دبلوماسيين وموظفين إيرانيين، كانوا يؤسسون لمدارس ومراكز تابعة للحرس الثوري، ومنع المصريون تأسيس مثل هذه المراكز التي تنشأ في أي مكان يصل إليه الدبلوماسيون الإيرانيون.
ما الذي يتوجب فعله على العرب الذين يوالون أو يودون موالاة إيران أو الانضمام إلى معسكرها؟
عليهم أولا التقارب إلى الحكومية العراقية التي تسيرها طهران وتعين وزراءها، وتفرض مواقفها وعلاقاتها، فهي حكومة عراقية بالاسم والتعمية، مثل مقاومة إيران لإسرائيل، مجرد شعار وصدى.
فإيران تدعي محاربة إسرائيل بالكلام، ولكنها تحارب العرب بالفعل، والحكومة العراقية تقول: إنها عربية بالكلام، ولكنها فعليا حكومة صفوية يديرها الجنرال الإيراني قاسم سليماني، لهذا الذي يشتم الأمة والعرب والعروبة يجد في العراق الترحاب والمسرات، والذي ينتقد سليماني تفتح عليه نيران جهنم من كل الحكومة العراقية ونوابها وأبواقها ومعمميها.
وثانيا على الذين يودون الانضمام إلى معسكر إيران أن يتقاربوا مع نظام بشار الأسد الذي - عمليا - لم يعد رئيسا لسوريا، وإنما تحول إلى زعيم ميليشيا من الدرجة الخامسة تابع لإيران، لان اللاعب الإيراني الأول في الأرض السورية هو الحرس الثوري الإيراني، واللاعب الإيراني الثاني هو حزب الله التابع لحرس إيران، والثالث هو ميليشيات إيران المتعددة الجنسيات العراقية والفارسية والافغانية والباكستانية، التابعة أيضا للحرس، والرابع ميليشيات العلوية المسماة «الدفاع الوطني» وفي المرتبة الخامسة، يأتي بشار وجيشه. وليس لدى بشار أية سلطة في سوريا أعلى من سلطة نقيب في حرس ايران وميليشياتها، وبشار ووزير خارجيته وحكومته ليسوا سوى ديكور وواجهة فقط، تقدم للمحادثات الدبلوماسية واستقبال السفراء.
وبعض الذين يهوون إيران يزعمون أنهم يدعمون بشار لانهم مع سوريا وعروبتها ووحدتها، وهذا تسطيح للموضوع وضحك على الذقون، لأنهم بهذا يحاربون الجيش السوري العربي الحر الذي يمثل الشعب السوري وأغلبيته العربية، لصالح بشار الذي أصبح ممثلا إيرانيا، بمعنى أن تأييد بشار هو تأييد للاحتلال الإيراني لسوريا، والقضاء على عروبتها، وتكريسها مركزا إيرانيا لتصدير التخريب والفتن والتدخلات في الوطن العربي من الأردن إلى المغرب.
وأية علاقة مع بشار هي - في الواقع، وأولا- علاقة مع ميلشيات إيران، ولا تسمح الميليشيات لبشار ووزرائه بتأسيس علاقات خارجية مع أي دولة ما لم تكن راضية عن مدى خدمة هذه الدولة لإيران ومشاريعها الطائفية العنصرية أو خدمتها المتوقعة للمشروع الإيراني.
¿ وتر
الحلبية..
مثقلة بجراح وأوجاع،
تبكي على ضفاف الحلم المصادر..
وصحائف بهاء التاريخ
إذ ليالي المدينة المهيبة، تتحول إلى كوابيس
وروايات خوف..
ومهج تحترق
إذ تغرس الخناجر المسمومة في أمشاج حزانى
وأثداء أمهات ومقل صبايا.