نقدر لإخواننا في دبي جهودهم وإصرارهم لكي تبقى دبي رائدة في صناعة المؤتمرات، فنجاحهم وتميزهم نحن أول من يجني ثماره، وهذا الإصرار على النجاح رأيناه هذا العام في معرض «جايتكس» الذي يجمع المهتمين بتكنولوجيا المعلومات. والحضور هذا العام متميز والعروض التي تقدمها الشركات والهيئات العامة تضعنا أمام الحقائق القادمة في عالم التقنية، عالم يكاد ينقلب على كل ما نعرفه عن الماضي.. إننا مقبلون على «إنترنت الأشياء» «Internet of Things» التي سوف تأخذنا بقوة إلى اقتصاد المعرفة أو اقتصاد المشاركة.
المفرح أننا لم نتأخر عن الاستفادة من هذه المعطيات الحديثة، فالتواجد السعودي، الخاص أو العام، في المعرض قوي وبارز، ورأينا الأجهزة الحكومية، التي نقلت خدماتها وتعاملاتها الإلكترونية إلى الحقبة القادمة، تتسابق وتتنافس في عرض خدماتها ومنتجاتها، فقد حضرت بقياداتها لتعرض تجربتها وتتعلم من تجارب الآخرين، إنها قصة نجاح.
وزارة الداخلية كانت الحاضر الأقوى والأبرز في هذا الملتقى السنوي الثري بالمعرفة، وما تقدمه الوزارة من خدمات وما تعمل عليه من مشاريع عديدة قادمة مثل «الهوية الوطنية الموحدة» يؤكد أن الوزارة أصبحت بلا منازع هي قاطرة التطور والنقلة الكبيرة في مجال الخدمات الحكومية الإلكترونية، ومنتجاتها تضع الآن معايير القياس لمستوى وكفاءة الخدمات.
هذا التطور في خدمات الداخلية يعزز إيجابيا مستوى «الرضا الوطني» ويعمق الولاء ويرفع الإحساس بالكرامة الوطنية، لأن الأنظمة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات تتعامل بعدالة مع الناس، ونتمنى أن تتسابق الأجهزة الحكومية والخاصة إلى تطوير الخدمات والتعاملات الإلكترونية، وهذا ما نحتاجه لتكريس استقرارنا، وهذا من ثوابت الدولة التي قامت عليها، والملك المؤسس عبدالعزيز- يرحمه الله- جمع الناس وألّف بين قلوبهم؛ لأنه جعل هدفه الأسمى لبناء الدولة: إيجاد المواطن الذي يعتز بكرامته. إذا حُفظت كرامات الناس بقيت الدولة.
هذا المنطلق الوطني الذي يجعلنا نحتفي بالنجاحات التي نحققها في مجال تطور الخدمات الحكومية الرقمية، يضاف إليه المكاسب الاقتصادية التي سوف نجنيها من الدخول القوي في اقتصاد صناعة المعرفة. الآن أكبر خمس شركات عالمية في القيمة السوقية هي شركات التقنية والبرمجيات مثل «أبل»، «الف بيتا» المالكة لشركة جوجل، و«أمازون»، «فيس بك»، «مايكروسوفت». أيضا في العديد من الدول، جميع قطاعات الاقتصاد تجري إعادة صياغتها لكي تواكب اقتصاد المعرفة.
هل نتفاءل بانتقال اقتصادنا إلى هذه الحقبة؟ نعم، علينا أن نتفاءل، وحالة الإيجابية هذه يدعمها وجود العديد من الشركات الصغيرة الناشئة في المعرض، التي بنت سمعة تجارية وأطلقت منتجات رقمية متميزة رغم عمرها القصير، وأيضا يدعمها وجود العديد من حاضنات الأعمال التي تستهدف صناعة المعرفة والتي ترعاها عدة جهات، وتخصيص صندوق لدعم صناعة الابتكار الرقمي، وتحول شركة الاتصالات السعودية لتكون قاطرة النمو التقني للشركات الخاصة، كل هذا يجعلنا نتفاءل بأن اقتصادنا وتعاملاتنا الحكومية تنتقل إلى حقبة جديدة، بالذات مع انطلاقة برنامج التحول الوطني.
الحضور السعودي متميز، وعنصر التميز الأول والأبرز يتجلى في نوعية الموارد البشرية الحاضرة. علينا أن نحتفي ونفرح بالجيل الجديد من السعوديين والسعوديات الذين دخلوا بقوة إلى عالم اقتصاد المعرفة. في الأجنحة التي تقدم المنتج السعودي هناك شباب محترف ينظر للمستقبل بكل تفاؤل وأمل، إنه ينتظر المستقبل ليفرح ويجني ثمار المنتجات التي ابتكرها وطورها ويحتضنها وينتظر ثمارها، إنها الوليد الذي يرى عبره المستقبل. هؤلاء هم المنجز الحقيقي لبلادنا، وهم رصيد المستقبل.
وزارة الداخلية، في خدماتها الإلكترونية، تقدم حالة دراسية خاصة للتميز في المبادرة والإبداع، وهذه تستحق وقفة طويلة. أيضا شركة الاتصالات السعودية بعد انتقالها وتحولها الجديد لتكون شركة خدمات ومنتجات تقنية ومعرفية جديدة تقدم قصة نجاح وطني، وزارة الداخلية وشركة الاتصالات السعودية تقودان حقبة التحول الرقمي في القطاعين العام والخاص، وهذا يفرض عليهما أعباء ومسؤوليات وطنية جديدة.