أنا شخصيا لي حساب قوي مع سرطان الثدي.. فقد أربك حياة من أعز ومن أحب، عين الحياة بالنسبة لي.
لذا عندما هاتفتني الدكتورة فاطمة الملحم عن حملة الفحص المبكر للسرطان التي تقيمها جامعة الدمام في مستشفاها الجامعي، وينفذها طالبات وطلبة وأطباء وطبيبات وأخصائيات وأخصائيون بتناسق سيمفوني تحت قيادة المايسترو الدكتورة فاطمة.. قفزت من مكاني، وشددت قبضتي ورقصت رقصة النصر.. وصرخت: نعم!
نعم! حان وقت المجابهة يا سرطان الثدي، وفي معركة قررت أن أتجند بها جنديا تحت قيادة قائدتنا المظفرة فاطمة الملحم، تنفست الصعداء ومسحت دمعات النصر، وبدأ «الأكشن».
كنت حريصا على أن أتوجه للمعرض الذي يقام بالمستشفى الجامعي تحت عنوان وسم جميل هو # لست_وحدك. وفوت حضور الافتتاح لرسميته وزحمته، وجاء عرض الزيارة التشجيعي من فتاة من النوع الملح والمتحمس وهي هاجر السبيعي، وقد هاتفت أخي محمد، وتريد منه أن يحضرني معه. يا سلام! يحضرني معه؟! وأنا من تقدم جنديا تملأ قلبه الرغبة العارمة في قبض هذا المرض من زمارة رقبته.
في البهو الذي أقيم به المعرض فاجأتني الدكتورة الملحم بكرم صاعق أوقفني مذهولا، فقد وضعت حاملين كبيرين في أول المعرض وفي نهايته يحملان صورتي وكلمات لي.
وهنا تعجبت من حال الدنيا حين يرغب الله في مكافأتك مكافأة فوق تصورك لم أكن أجرؤ حتى على الحلم بها، فأنا ذو نفس متراجع وروح سريعة الانكسار وعملي قليل ويقيض اللهُ لي نفرا من الناس يجعلون من غصن البوص عروسا، ومن الفسيخ عصيرا، وأحسست بأن يداي تقتربان لرقبة هذا المرض، ودارت دماء المحارب الغريزي القديم في دمي.
حرصت الدكتورة فاطمة على أن تأخذنا لأول منصة وكانت المنصة التي جعلتني أرى آثار أظفاري على رقبة هذا العدو المتربص، لما حكت لنا عن ثلاث من النساء البطلات اللاتي دحرن السرطان نهائيا وخرجن منه لحياة جديدة مشرقة بالصحة. كلهن قلن: إن ثباتنا وتصميمنا على الانتصار على المرض كان سببا في الشفاء، إلا أن إحداهن قالت: «ولماذا أخاف السرطان والله أقوى منه؟» يا الله.
إن فاطمة الملحم، وأذكرها الآن بلا لقب، لأنها الأخت التي تخاف عليكن وتعرف معنى معاناتكن إن أهملتن الكشف المبكر، تترجاكن، بل تتضرع لربها أن تصغين، وأن تصغين جيدا الى أن هذا المرض لا شيء، وهو عدو جبان سريعُ الاندحار والقضاءُ عليه قضاء نهائيا متاح بحول الله، بشرط.. بشرط.. بشرط، أن تفحصن مبكرا.
ألزمتني الدكتورة بحمل هذه الرسالة، لكن المرض ليس عيبا، فهو امتحان من الله، وهل هناك أروع من الامتحانات الإلهية؟ حتى لو شعرتِ بوجود حبةٍ أصغر من عين النملة في صدرك، توجهي مباشرة للفحص، قد يكون لا شيء، وهنا تكوني فزتِ بمعلومة أنك سليمة، وقد يكون بداية شيء وفزتِ.. لأن وقتها، ستكون هزيمته متاحة!.
هل شفيت غليلي منك يا سرطان الثدي..لا، حسابي معك مستمر!.