في خضم الأزمة المالية التي تمر بها بلادنا وهي بلا شك امتداد لتراجع اقتصادي عالمي افضى الى انهيارات اقتصادية في بلدان متعددة وبما انعكس على أسواق المال في العالم والدخل العام للأفراد والمؤسسات، ونحمد الله ان ما نعانيه اقل بكثير من جراء متانة اقتصادنا وحجم احتياطنا.
هذه الأزمة التي طالت تبعياتها كثيرا من المخصصات والبدلات الحكومية التي كانت المعين الرئيس للكثير لمواجهة الحياة.. أثارت الحنق وأججت مواقع التواصل حتى انها أصبحت الشغل الشاغل للمجتمع خلال الأسبوع الماضي، والسبب ان معلومات إيقاف البدلات قد قدمت مبهمة تائهة لم ترتكز على وضوح يسهل فهمها لمتلقيها، واكب ذلك لأن الكل قد فغر فاه لا يعلم ما له وما عليه.. أما الأشد ازعاجا فكان غياب الرأي الحصيف الذي يعين على تدبر الأمر وفهمه وعليه فقد تبارى محللونا، البعض يحذر، والآخر يطمئن، وثالث يهوّل ويتوعد بالويل والثبور وبينهم مسؤول حكومي يؤكد أن مثل ذلك طبيعي ولن يكون مؤثرا؟!.
كل من له شأن أو وظيفة في العمل الحكومي، بات متعلقاً، بكل ردة فعل، وبكل خبر وبكل رأي يدور حول الأمر.. لكن أين هو الرأي المرشد؟. قد تكون وزارة الخدمة المدنية ومعها المالية ومؤسسة النقد معنية بالأمر وكان جديرا أن تخرج لشرح الأمر وتوضيحه للناس وتفسير ما سيكونون عليه، لكن بدا ان تلك الجهات غير قادرة على المجابهة حتي لا يصبح في حلق المتضررين فتكثر عليه الانتقادات والاسقاطات.. فلم تكن الجهات الحكومية ذات مسؤولية حقة فيما يعنيها ومن ضمن واجباتها حيث كان حرياً أن نتعلم من القرارات السابقة التي اثارت كثيرا من ردود الفعل بأن نسهلها بشرحها مباشرة بل والمصارحة فيما يخصها ان كانت مؤقتة أو مستمرة، لكن أن يترك الأمر معلقا وكل يفسر على كيفه فذلك كان مؤلما.
ترك الأمور على عواهنها معلقة ودون تفسير.. لا يفضي فقط الى القراءات المغلوطة فقط ولا الى تكاثر الثرثارين غير المدركين على شاشات التلفزة او من على منابر التواصل الاجتماعي والصحف أيضا، بل انه يكون سبيلا الى تأجيج كثير من الأمور المزعجة تجاه بلادنا، فهناك من يستغل مثل هذه الأمور لإثارة كثير من المقلقات فيما يخص العقود والمخصصات، وهات يا تعليقات من وسائل التواصل حتى يُصور الأمر وكأن هناك جرائم كبرى متخفية.
مبدأ الشفافية المباشر وشرح الأمور في وقتها من أهم الجوانب التي تسهم في فهم العامة لما هم عليه من إجراءات مستقبلية، بل انها تضمن مزيدا من الهدوء وجانبا من القبول منهم لما تم اقراره، ليس كذلك فقط بل ان مصارحة المجتمع بنوعية الازمة والحلول التي ستضطر الحكومة لاتخاذها سبيل لتقبل المجتمع، فحين يخرج وزير المالية ليؤكد أن انخفاض الدخل العام للبلاد سيضطرها لإشراك القطاع الحكومي والخاص للمساهمة بإيقاف تداعيات تراجعه.. نجزم انه سيلقى قبولا أكثر من أن نلقي بإيقاف البدلات أو الزيادات فجأة امامهم دون أي تمهيد.