يبدو أن ملامح سنة 2017م لن تختلف كثيرا عن شقيقتها 2016م حيث يجمع الكل على استمرار الصعوبات الاقتصادية لعام 2016م، وانتقال عدواها لعام 2017م وذلك بلا شك مس وسيمس كافة أطياف المجتمع وأغلب فئاته، وهذا التردي يرجع لعدة أسباب من أهمها النزول الحاد في أسعار النفط إضافة إلى الأوضاع الجيوسياسية المصاحبة لذلك، كما يجمع الكل أيضا على أنه كلما زادت التحديات ظهرت فرص أخرى، حتى في أسوأ الظروف بما في ذلك الحروب والكوارث ولدينا الكثير من الأمثلة من رجال الأعمال ممن استفادوا مثلا من ظروف حرب الخليج الثانية (غزو العراق) وحققوا مكاسب ضخمة جراء اغتنامهم فرصا استثمارية صاحبت تلك الأزمة، وغير ذلك من الأمثلة، فمن رحِم كل أزمة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية تُولد العديد من الفرص التي لا يلحظها إلا القلة القليلة، وفي هذه الفترات بالتحديد تظهر معادن القيادات الإدارية وتتضح القيمة الفعلية والإضافة الحقيقية لأي قائد أو مدير، فما هي الآليات التي يمكن اتباعها في أعوام عصيبة كهذه وخاصة على المستوى الاقتصادي؟ من وجهة نظر شخصية لا أعتقد أننا نحتاج أكثر من شيئين مهمين هما: زيادة الفعالية وخفض التكاليف.
زيادة الفعالية
وهي ما يعرف بال (Efficiency) والتي تعني القدرة على إحداث تغيير، كما يمكن وصفها بإيجاد حلول خلاقة للقيام بالأعمال ذاتها ولكن بطرق أكثر إبداعا كي تساعد في زيادة الإنتاجية مع ثبات مستوى الجودة مما يسهم بشكل كبير بالتقدم على المنافسين سواء في الحلول الإلكترونية أو خطوط الإنتاج أو نمط الخدمات إلخ...، فعلى سبيل المثال في قطاع الأعمال أكثر ما نحتاجه في هذا العام هو الموظفون الاستثنائيون ذوو الأداء المميز، والذين يمكن أن نتوقع منهم عائدا منهم يصل إلى ١٢٠٪ وليس ١٠٠٪ فحسب، وهؤلاء هم الذين بإمكانهم عمل الفارق وتأدية أعمال مزدوجة إضافية وتقديم حلول غير تقليدية، إضافة إلى التفكير قُدما في استغلال التقنيات المعلوماتية أو الآليات الحديثة والعمل على تطوير الحلول التقنية بشكل عام.
خفض التكاليف
لا ينبغي أن يكون تسريح الموظفين هو أول حلول خفض التكاليف أو ما يعرف بالـ (Cost Reduction) بل يجب أن يكون آخرها وإلا أصبح من الخطأ توظيفهم من بادئ الأمر، لأنه يجب السيطرة أولا على التكاليف الإدارية والعمومية بشكل عام كالرواتب ومصاريف الإيجارات والسفريات والمنافع، ومن ثم العمل على تخفيض تكاليف الإنتاج بشكل خاص لأن تخفيض تكاليف الإنتاج سيؤدي لزيادة هامش الربح دون المساس بالأسعار.
ما ذكرناه قد يمثل التوجهات الإدارية التي يجب على قياديي القطاع الخاص التفكير بها بجدية لمواجهة تحديات هذا العام وقد يحتاجونها لأعوام قادمة أيضا، أما على صعيد الفرص الاستثمارية المقترحة التي قد تلوح في أفق هذا العام، فهي الاستثمار في القطاعات الأكثر ثباتا واستقرارا والتي تتصدرها المقاولات الصناعية والقطاعات الصحية والرعاية الطبية وقبل كل ذلك القطاعات العسكرية، إضافة للتوجه للقطاعات ذات التدفقات النقدية المنتظمة كقطاع التجزئة. دمتم بخير.