كتب نجيب محفوظ «حافظ على الجزء التافه في شخصيتك، الجزء الذي يجعلك تضحك بلا سبب وترقص بلا سبب، وتصرخ بلا سبب وتبكي بلا سبب، وتحب بلا سبب وتكره بلا سبب، ولا تسألني ما السبب». وكأن محفوظ يتحدث بأسمائنا وينطق بأفكارنا التي لا يمكن أن تكون كاملة، والمشكلة أننا دوما نحاسب ونحاسب أنفسنا وفق مبادئ الكمال والمثالية. لا نغفر الغلطة ولا نتغاضى عن الزلل. ومع فجور المدنية الحديثة استخدمنا كل القوانين كسيوف وخناجر، وكنا المتهم والقاضي والجلاد. إنساننا الذي ان لم نحرص على جلده، وافراغه من انسانيته، والذي ان لم يرتق لنا فلا يمكن أن ننزل له. بل سيظل في نظرنا التافه والعاجز، واظننا نحن من عجزنا عن سبر غور انفسنا والاستمتاع بأقصر لحظات عمرنا.
يفترض بكل شخص أن يجيد جميع المهارات فلا وقت للتوافه والتفاهة، ضغوط أحدثناها واستحدثناها بأنفسنا، واستحدثنا للقوانين أنظمة، وللأنظمة لوائح، وللوائح اجراءات تنفيذية، ممعنين في هيكلة الواقع ليكون النظام. وحولنا النظام لمسطرة لا للتخطيط وانما للقمع والتأديب.
وأثناء بذرنا مدنيتنا الحديثة تجاهلنا انسانيتنا، ونسينا أن الفرح يدخل من أبسط النوافذ، ضحكة طفل، قطرة ماء، صوت عصفور، هبة ريح، تعبنا وأتعبنا أنفسنا ونسينا الطبيعة وانفتاحها علينا، بل بذلنا كل الجهد لقتل مكوناتها،، نبات وحيوان وهواء، وتعاملنا مع الاتفاقيات الدولية الخاصة باستمرار الكوكب أنها برستيج تافه لا داعي له. أيمكن أن يأتي يوم وقد أتلفنا الطبيعة فنتناول المال الورقي عوضا عنه، هل ممكن أن تتحول بنادق وقنابل هذا الكوكب للقم يمكن أن نشاركها مع أولادنا. ما هذا الحرص على الاختلاف العالمي ومتى نبدأ البحث في اسرار وحدتنا وتشابهنا فقد اتعبنا الخلاف والاختلاف. أيمكن أن يتحول اسبوع الشجرة الذي نتعامل معه ضمن مبدأ التوثيق بيوم حقيقي يتبنى به عشرون مليونا ما بين مواطن ومقيم زرع شجرة واحدة قد تدخل الفرح على قلبنا يوما بخضارها ونستظل بها مع يمامة تنظر لنا شاكرة ما تبقى من انسانيتنا. هل يمكن أن تتحول افكارنا البسيطة لمبادرات وطنية يشعر كل فرد منا أنه لم يعد تافها وأنه وإن صغر سنه، أو قل ماله، أو شأنه الاجتماعي، وانه وان اختلفت جنسيته فهو جزء من مكنون هذه البلاد المقدسة، هل يمكن أن نكرس رؤية أنه لا شيء تافه، وأن الكل مهم بما يقدمه وان استتفهه.