DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الولايات المتحدة بحاجة إلى تنظيم أسعار الأدوية

القضية الغريبة للمتكسِّبين من استغلال أسعار الأدوية

الولايات المتحدة بحاجة إلى تنظيم أسعار الأدوية
الولايات المتحدة بحاجة إلى تنظيم أسعار الأدوية
أخبار متعلقة
 
يوجد خلاف يكمن في صلب عملية تسعير الأدوية في الولايات المتحدة، فمن ناحية، من مصلحة شركات الأدوية الحصول على عائد جيد على استثماراتها الهائلة في تطوير عقاقير جديدة. ومن الناحية الأخرى من مصلحة عامة الناس أن يكونوا قادرين على تحمّل أسعار هذه الأدوية. ونحاول التوفيق بين هذين الاتجاهين المتعارضين، وذلك بمنح الشركات التي طوَّرت هذه العقاقير احتكارات مؤقتة (وهو ما يُعرف باسم براءات الاختراع)، وتركها من الناحية العملية تضع الأسعار بشكل أحادي، وحال انتهاء فترة حق الانتفاع ببراءة الاختراع، يتم السماح بحدوث منافسة مع الأدوية البديلة، التي لا تحمل العلامة التجارية للدواء الذي يحمل براءة الاختراع. الكثير من الناس لديهم آراء قوية حول هذا الموضوع، ويتمسّكون بها، فالبعض يعتبر ذلك حلا متوازنا، والبعض الآخر يقول إنه يتوجب علينا تنظيم أسعار الأدوية، وهو ما تفعله أغلب الدول الغنية الأخرى، بالرغم مما يبدو عليه من أن تنظيم الأسعار يُقلل من الإنفاق على الأبحاث الرامية لتطوير أدوية جديدة. إذًا، نحن نواجه مشكلة صعبة. ولن أحاول اليوم أن أقدِّم حلًّا لها، أو على الأرجح لن أقوم بذلك أبدًا. ولكن لدينا هنا حقيقة مهمة، وقلما يتم التأكيد عليها، وهي أن أغلب الخلافات حول تسعير الأدوية عالية المواصفات ليست لها علاقة كبيرة بهذا الخلاف الذي يبدو مستعصيًا على الحل، ومن الأمثلة على ذلك: • إبينيفرين، وهي المادة المضادة للحساسية التي يتم إيصالها للجسم بواسطة محاقن إيبي بين التي أصبحت تبيعها مؤخرًا شركة صناعة الدواء مايلان بسعر يزيد على 300 دولار للجرعة الواحدة، وهي عبارة عن هرمون ينتجه الإنسان (ويسمى أيضًا الأدرينالين)، وكان أول مَن استخلصه هو كيميائي ياباني في عام 1900. وأنت تستطيع شراء عبوة صغيرة تحتوي على نصف ما تحتويه هذه المادة التي تقدّمها محاقن إيبي بين، من شركة إيس سيرجيكال سبلاي، بسعر 4.49 دولار للقنينة الصغيرة الواحدة. • بايريميثامين، الدواء المضاد للالتهابات، وهو الذي يحمل الاسم التجاري دارابريم وهو الذي جعل من مارتين شكريلي رجلًا سيئ السمعة عندما قامت قبل سنة شركته، تيورينغ للأدوية، برفع سعر القرص الواحد من هذا الدواء من 13.5 دولار إلى 750 دولارًا. والجدير بالذكر أن مَن طوَّر هذا الدواء في خمسينيات القرن الماضي هو شركة بوروز - ويلكوم، والتي أصبحت فيما بعد جزءًا من شركة جلاكسو سميث كلاين، وكان هذا الدواء قد خرج من حماية براءات الاختراع قبل عدة عقود. • الكثير من العقاقير التي خضعت أسعارها لأكبر زيادات من قبل شركة فاليانت، كانت قد طُوِّرت منذ عقود عديدة، ولم تكن محمية ببراءات اختراع. وفاليانت كانت في الماضي ناجحة للغاية في استحواذها على سلسلة من الشركات، ثم دخلت في مشاكل في نفس الوقت الذي تورّط فيه شكريلي في العام الماضي. لا يوجد أي دواء من الأدوية المذكورة أعلاه طوَّرته الشركات التي تبيعه الآن. وحتى شركة مايلان لا تصنع إيبي بن (فايزر هي التي تصنعه)، وهي استحوذت فقط على حقوق التسويق قبل تسع سنوات. وهي قادرة على استيفاء أثمان باهظة؛ لأن تصميم المحقن هو ملك لها. وقد حصلت منافستها، شركة سانوفي، على موافقة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في عام 2012 على محقنها أوفي- كيو، ولكنها تخلت عن منتجها هذا في أوائل هذه السنة بسبب مشاكل تتعلق بالجرعة التي يقدّمها. لكن بالنسبة لدواء دارابريم فلا تزال السوق صغيرة لهذا النوع من الأدوية، ولذلك لم يهتم أحد بتطوير دواء جنيس منافس.. وإحدى المشاكل الكثيرة التي واجهت شركة فاليانت هي أنها استحوذت على صيدلية تبيع أدوية متخصصة، هي فيليدور، وهي التي قامت بتغيير طلبات الأطباء لاستخدام أدوية فاليانت الأكثر ثمنًا بدلًا من الأدوية المنافسة. ما يحدث في الأساس هو ظهور سلالة جديدة من شركات الأدوية (وفاليانت مثال واضح، أو على الأقل هي المثل الأبرز) لا تقوم بتطوير أدوية، ولكنها تتحيَّن فرص أعمال في أدوية موجودة بالفعل - الكثير منها انتهت فترة صلاحية حماية براءة اختراعها - وكان مالكوها السابقون إما كسالى أو من ذوي القلوب الضعيفة أو مؤدّبين لدرجة منعتهم من استغلال منتجهم بشكل كامل. وهم يقومون بالاستحواذ على تلك الأدوية، ويرفعون أسعارها بدرجة كبيرة. وكما قال بيتر كوي في مجلة بلومبيرج، فإن على المرء أن يأخذ زيادات هذه الأسعار التي أشرنا إليها أعلاه بكثير من الحذر، وأن الردّيات ووسائل التحفيز والتشجيع الأخرى تعني أن أغلب شركات التأمين الصحي تدفع مبالغ أقل بكثير من السعر المعلن لهذه الأدوية. ولكن الفكرة العامة كانت وما زالت هي استخلاص المزيد من المال من الأدوية القديمة، وأكثر مما كان يتم استخلاصه في السابق. طبعًا يوجد في هذا منطق واضح خاص بالأعمال. ويقوم هذا المنطق على افتراض أن الزيادة في قيمة الدواء الذي انتهت فترة صلاحية حماية براءة اختراعه، تقدّم لشركات الأدوية جزءًا صغيرًا على الأقل من بعض الحوافز المالية لتطوير أدوية جديدة. ولكن الزيادات الكبيرة المفاجئة في أسعار هذه الأدوية تبدو كما لو أنها خرقت العقود القائمة منذ زمن طويل بين صناعة الأدوية والمجتمع - كما أنها أثارت ردود أفعال سياسية يمكن أن تؤدي في النهاية إلى تكبيد صناعة الأدوية مبالغ تفوق المبالغ التي جنتها الشركات من خلال رفع أسعار أدويتها، مثل مايلان وتيورينغ وفاليانت. إذًا ما الحل؟ أحد الآراء التي ظهرت في هذا الخصوص هو ما قالته سارة كليف على موقع فوكس وهو أن زيادات الأسعار التي حصلت لمحقن إيبي بن، تُظهر لماذا نحن بحاجة إلى تنظيم أسعار الأدوية في الولايات المتحدة. وقد أحدث ذلك ردود فعل طويلة في مدوّنة الأطباء وكتب فيها أحدهم تحت اسم مستعار هو سكوت أليكساندر، يقول إن ما يبدو مشكلة رئيسية في قضية إيبي بن هو أن مؤسسة الغذاء والدواء الأمريكية رفضت إمكانية وجود منافس بعد منافس آخر لهذا المحقن (وهي بالضبط لم تُسهل الأمور أمام شركة سانوفي). وكان التشدد في التنظيم هو ما سمح لشركة مايلان باستيفاء مبالغ كبيرة، وليس مبالغ أقل من اللازم. وبعد ذلك رد كليف على أليكساندر، ثم قام أليكساندر بالرد على كليف، والحقيقة أن كل ذلك كان غنيًّا بالمعلومات وممتعًا إلى حد كبير. وفي مسألة إيب بن، أنا متأكد بدرجة كبيرة من أن أليكساندر (وكذلك زميلتي في بلومبيرج، ميغان مكاردل) هما على حق من أن المنافسة وليس تنظيم الأسعار هو الحل لهذه المشكلة. هذا مُنتج لديه سوق كبيرة، وهذه السوق تنمو باستمرار، وهناك بالفعل الكثير من المنتجات المنافسة التي تُباع في أوروبا، حيث تُباع كل من الأدوية، الجنيسة والتي تحمل الاسم التجاري إيبي بن، بأسعار تقل كثيرًا عن أسعارها في الولايات المتحدة. يجب على مؤسسة الدواء والغذاء الأمريكية إزالة هذه الهوة الفاصلة. أما الوضع بالنسبة لدواء دارابريم فهو مختلف تمامًا، وهو بالرغم من أنه دواء أساسي في علاج أنواع معينة من الإصابة بعدوى الطفيليات، ويوصف فقط لحوالي 2000 أمريكي في كل سنة ولا لزوم لأخذه لفترة طويلة، إلا أنه ليس بالدواء الذي يشكّل فرصة سوقية مشجّعة لصُناع الأدوية الجنيسة.. والحقيقة هي أن هذا الدواء ربما شكَّل حالة احتكار طبيعية. وقد وصف نارين تالابراغاندا، طالب الدكتوراة في كلية الطب في جامعة هارفارد (وأحد المؤسسين في شركة ناشئة)، في مقالة نُشِرت له في أوائل هذه السنة حول تسعير الأدوية الجنيسة في «مجلة القانون والعلوم الحيوية»، طريقة للتغلب على مشكلة دواء دارابريم، وتتلخص هذه الطريقة بأن تقوم شركة إمبريميس فارماسيتوتيكالز، وهي صيدلية متخصصة بتركيب الأدوية و«تصرف الوصفات الطبية لمزيج من الأدوية التي يصفها الأطباء للمرضى»، بعقد اتفاق مع الشركة التي تدير مخصصات الصيدليات، إكسبريس سكريبتس، لبيع المركب الفعَّال من مكوّنات دواء دارابريم والدواء المكمل له بمبلغ دولار للقرص الواحد.. لكن تالابراغاندا قال إنه لا تزال توجد حدود لما يمكن أن تعمله صيدليات تركيب الأدوية. أما بالنسبة لبعض الاحتكارات الخاصة بالأدوية التي انتهت فترة صلاحية براءة اختراعها، فربما يكون أفضل علاج متوافر لها هو التنظيم الحكومي لأسعارها.