«الأجانب لو تقول لهم: أنا أدرس في الجامعة تخصص نكبة! يقول لك: wow nice، وعندنا لو تقول: أنا أدرس عن الفضاء، يقول لك: ما له مستقبل».
لم يبعد صاحب هذه الطرفة عن الواقع كثيرا، فلدينا متخصصون في تحطيم شبابنا الواعد بكلمات كالسكاكين!
«لن تتجاوز قياس، فمن هو أفضل منك لم يتجاوزه» ثم «لن تقبل في الجامعة، أنت ضعيف، والأمور كلها بالواسطة» ثم «إيش تخصصك؟!» ثم «ما لقيت إلا التخصص هذا! ما له مستقبل!» ثم «الدكاترة مزاجيون! وصعب تتخرج، وإن تخرجت فبمعدل لا يؤهلك للوظيفة» ثم «الله يعينك بعد التخرج، ما فيه وظائف!».
مثل هذه العبارات مبنية فقط على الحدس والتخمين والتجارب الشخصية الفاشلة، وكل واحدة أسوأ من أختها في تدمير شاب أو شابة صغيرين في السن يتطلع لوضع لبنة جديدة في حياته، وبناء مستقبله، وهو من أسوأ الأعمال وأرداها!
كم أتمنى أن يدرك هذا الشخص المتطوع لتحطيم غيره أن ظروف الآخرين مختلفة عن ظروفه، وأن فشله لا يعني فشل الآخرين، وأن الأفضل منه كثير، فليس هو الأفضل والأميز على مستوى العالم، بحيث إذا ضل أو ضاع لابد أن يضل العالم بأكمله!
فهو ورؤيته لنفسه كتلك الذبابة التي حطت على النخلة، وقالت عندما همت بالرحيل: استمسكي فإني راحلة عنك! فقالت النخلة: ما علمت بنزولك فكيف سأعلم برحيلك؟!
كما أتمنى من الطالب والطالبة الجامعيين قبل أن ينظر لأي قول يوجه اليه، أن ينظر لحال قائله، فمن لم ينفع نفسه، كيف سينفع غيره؟!
كما أتمنى أن يدرك كل منهما أن التوفيق بيد الله، وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا. فالجامعة مرحلة حية في بناء الشخصية، ولاختيار التخصص الجامعي المناسب معايير ليس من بينها الاستماع لآراء الفاشلين، بل ولا التقيد بآراء الناجحين، فلكل شخص ظروفه ومسيرته!
فإذا تحقق «رفق» بالتقاء الرغبة الشخصية في التخصص المراد، والفرصة المستقبلية لهذا التخصص، والقدرة على دراسته، ما الذي يمنع من اختياره، والتفوق فيه؟!
اللهم جنب شبابنا كل فاشل وفاشلة، ويائس ويائسة!.