مررت قبل عدة أيام على أحد الأصدقاء الأقارب وإذا به منهمك في عمل بين جهازه وأوراقه.. ثم طبع ورقة كبّر كتابتها.. وإذا بها خطة عامه القادم ١٤٣٨هـ، وضع في أعلاها الهدف الكبير وهو حلمه الكبير الذي يدور حول جعل نفسه شخصية إعلامية شرعية نوعية في الكتابة والبرامج والبحوث وغيرها وإنشاء مراكز لذلك على المستوى المحلي والإقليمي، وضمن هذه الخطة مجالات حياته العلمية والعملية والاجتماعية والشخصية مقسما لتحقيق ذلك شهور العام وأيام الشهر وساعات اليوم، فجعل المجالات: المجال العلمي، والمجال الثقافي، والمجال الإيماني، والمجال الشخصي، والمجال الأسري، والمجال الاجتماعي، والاقتصادي، وبعض هذه المجالات يمارس أعمالها يوميا كالعلمي والإيماني والشخصي والأسري والاقتصادي، وبعضها حسب الخطة كل يومين أو ثلاثة كالثقافي والاجتماعي؛ فمثلا العلمي يشمل طلب العلم والبحث والتأليف، والإيماني يشمل العبادة كالصلوات وقراءة القرآن والصدقة وغيرها، والشخصي الاحتياجات الفردية من رياضة وكساء وطعام وسفر ودورات تطويرية واهتمامات، والأسري برامج الأسرة لقاءات وتعليم وسكن وزيارات، وهكذا وضع أهدافا فرعية لتحقيق هذه المجالات عن طريق ممارسة الأساليب المحققة لكل مجال.
سألته عن مواصفات أهدافه هل فيها «مرونة» أم هي كالأوامر العسكرية! قال: نعم مرنة حتى لو تم التقصير بجزء تمشي الخطة ويتدارك التقصير لاحقا، سألته هل ممكن تقيسها وتميز مستوى التقدم قال: نعم؛ وذكر مثالا على ذلك المجال الإيماني قراءة نصف جزء يوميا ١٠ صفحات بحيث كل شهر ينهي ١٥ جزءا فيختم القرآن كل شهرين، ومثال الجانب الأسري فيه جلسة أسرية لمدة ساعة مرتين أسبوعيا وهذه غير جلسات الغداء والعشاء، يكون فيها الحوار الأسري والترفيهي والمسابقات، فيكون شهريا ٨ جلسات أسرية، ومثال الجانب الثقافي قراءة كتابين أسبوعيا، فيقرأ كل شهر ٨ كتب، وهكذا.. ثم سألته هل تشاور زوجتك وأولادك بخطة العام؟ قال: نعم بل ضروري لكي تنجح فخطتي مشتركة معهم بجميع تفاصيلها، ثم سألته عن خطة العام الماضي ١٤٣٧هـ والذي قبله هل حققت ما تريد؟ فأجابني بأن نتيجة تحقق خطة ١٤٣٦هـ كان بنسبة ٨٠٪، وعام ١٤٣٧هـ كان ٨٥٪، وأغلب النقص كان لدي في المجال العلمي، أكبرت فيه هذا التخطيط وهذه الهمة، وعلمت فعلا أن الإنسان ينجح بإذن الله إذا خطط ووضع أهدافه وصمم لها أساليب لتحقيقها، جاعلا أهدافه مرنة وواقعية ممكنة، محددة بأزمان وأعداد، ولها قياسات ونسب، هنا يحقق النتائج المتعددة، ويعلم مدى تقدمه وإنجازاته وإخفاقاته.
وكلما ربط الإنسان غايته بمراد الله كانت حياته أعظم من مجرد الموجودات والماديات، ولذا يتميز المسلم في رسم خطته بمجالات العبادة والإيمان والعلاقات في الأسرة والمجتمع فوق مستوى النفع المادي الجاف.. وهذا ما لمسته في خطة الصديق وتفاصيلها.. جميل أن نحاكيها.. ولو اختلفنا معها في بعض المجالات والأولويات.. الفرق بين من يضع خطة للعام واحتياجاته والذي لا يضع مثل الذي يسير في طريق سفر لكن لم يحدد وجهته ومتطلباتها وأيامها.. هل سينجز.. وينجح أم لا؟