الاقتصاد الذي يُبنى على أسس ثابتة ومتينة، وتتحد سياسات مكوناته، لا يُخشى عليه من تقلبات الأسواق مهما كان حجمها، والاقتصاد السعودي الذي يشكل ركنا أساسيا في اقتصادات منظومة العشرين التي تقود الاقتصاد العالمي، اكتسب من عناصر الثقة في كافة الأسواق الدولية ما يجعله بمنأى عن أي مخاطر مهما كانت التحديات، حتى وإن كانت بحجم هذا التحدي القائم المتمثل في انهيار أسعار أسواق النفط عالميا، واشتعال المنطقة بالنزاعات المفتعلة من هنا وهناك، أولا بحكم متانة الوضع الاقتصادي والمالي، ثم مرونة التحركات في اجتراح الحلول، وقدرتها على استيعاب المتغيرات، وهذا يتمثل جليا في الإعلان الواضح والسريع عن رؤية السعودية 2030 التي عززت الثقة في قدرة المؤسسات الاقتصادية والمالية السعودية على الخروج من الاعتماد على أحادية النفط إلى المجال الأرحب في التنوع، وفتح المزيد من قنوات الاستثمار في شتى المجالات، وبخطى ثابتة، استفادت من سمعة المملكة الاقتصادية على المستوى الدولي، ومرونة أنظمتها في التعامل مع المتغيرات بشكل نابه وفاعل، لوضع هذه الرؤية على قضبان قطار التنفيذ.
وفي هذا السياق أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) مؤخرا عبر موقعها الالكتروني ضخ 20 مليار ريال سعودي كودائع زمنية لدى القطاع المصرفي نيابة عن جهات حكومية، مع توفير فترة آجال استحقاق لمدتي 7 أيام، و28 يوما لاتفاقيات إعادة الشراء، إضافة إلى آجال الاستحقاق ذات فترة اليوم الواحد المعمول بها حاليا. وتأتي هذه الاجراءات حسب (ساما) بهدف دعم الاستقرار المالي المحلي الذي تسجل مؤشراته معدلات جيدة، لاسيما مستوى القروض المتعثرة، التي لم تتجاوز (1.3%) من اجمالي القروض، في حين تتجاوز نسبة تغطية المخصصات 165% من اجمالي القروض المتعثرة، بينما تتجاوز نسبة كفاية رأس المال التنظيمي 18%.
وتأتي هذه الخطوة الهامة لتؤكد على متانة الوضع الاقتصادي والمالي للمملكة من جهة، وقدرته على الصمود في وجه تداعيات انهيار أسعار النفط، وعدم استقرار أسواقه حتى الآن، وتاليا للتأكيد على عمل كافة المؤسسات الاقتصادية والمالية السعودية ككتلة واحدة، وما تتمتع به من المرونة في الاجراءات في حال مواجهة أي طارئ، وهي ميزة نوعية لاقتصاد بلادنا، ومصل وقائي سبق تجريبه في أكثر من مفصل من مفاصل الحركة الاقتصادية في صعودها وهبوطها تبعا للمتغيرات الدولية، وأثبتت نجاعتها، وقدرتها على تخطي المصاعب ومواجهة التحديات، ما وفر للاقتصاد السعودي بالنتيجة هذا القدر الكبير من الثقة والمصداقية الدولية، وأكسبه احترام كافة الدوائر الاقتصادية والمالية العالمية التي باتت تدرك شفافية اجراءاته، وتثق فيها، وتوليها ما تستحق من التقدير والاحترام، كاقتصاد قوي يُشكل ركنا أساسيا في الاقتصاد الدولي، ويستشعر مسؤوليته في حفظ وضبط معايير العمل الاقتصادي بما يضمن استمرار نموه بعيدا عن المخاطر، والمضي في الثبات، وهي بالتأكيد واحدة من السمات الثابتة لاقتصاد بلادنا.