تجيء الذكرى السادسة والثمانون لليوم الوطني للمملكة العربية السعودية وهي تحمل معاني جليلة جديدة، إضافة إلى ما ظلت تمثله من قيام المملكة وتوحيدها على يد الملك المؤسس، فهذا العام تجيء والمملكة على عتبات رؤية تنموية طموحة تضعها على عتبة مرحلة جديدة من التطور تطمح القيادة الرشيدة إلى الانتقال بالوطن إليها مواكبة لروح العصر وتحقيقا لاقتصاد وطني قوي يعتمد على تعدد الموارد والاستثمارات بما يتكفل بتوفير مصادر مستدامة للاقتصاد الوطني وتمويل مراحل متلاحقة من التقدم الحضاري ليس في مجال الموارد المالية فقط، بل والموارد البشرية من الشباب المواطن الذين تنتشر جموعهم في بلدان العالم المتقدم شرقا وغربا للتزود بالعلم والمعرفة ليعودوا إلى أرض الوطن مزودين بكل ما يلزمهم من أدوات العلم والمعرفة والتجربة للمساهمة في تقدم الوطن وبنائه وتحقيق رؤية 2030 بكل كفاءة واقتدار.
كما ينبغي أن يكون الاحتفاء باليوم الوطني مناسبة لتذكر تضحيات القائد المؤسس وصحبه ورؤيته الثاقبة التي غرست البذور، فهي مناسبة أيضا لاسترجاع جهود أبنائه الملوك من بعده - يرحمهم الله جميعا - في إعلاء البناء على ما أسسه موحد هذه البلاد وصقر الجزيرة والدهم العظيم منذ عهد الملك سعود - يرحمه الله - وصولا إلى عهد ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله - وهي كذلك أيضا مناسبة للتمعن في الإنجازات التي تحققت في هذه العهود على كافة الصعد الأمنية والاقتصادية والعلمية والصحية والاجتماعية والعمرانية وغيرها، وكذلك على صعيد بناء الشباب وتمكين المرأة وإتاحة الفرصة لها للمشاركة في البناء الوطني الشامل بدءا من المجالات التعليمية والصحية والاقتصادية والاجتماعية وصولا إلى المشاركة السياسية وعضوية مجلس الشورى وممثليات المملكة في المنظمات الدولية وغيرها، مرورا بالمشاركة في كافة مجالات الإنتاج والتخطيط للتنمية ومشاريعها والانتخاب في المجالس البلدية وعضويتها.
ومما يجدر الفخر والاعتداد به أن ذلك كله أثمر تعزيز المكانة الدولية للمملكة بين دول العالم ومنظماته المختلفة ومن مؤشرات ذلك الدور الهام الذي تلعبه في المؤسسات الدولية والمؤتمرات العالمية ودورها في حل القضايا العالمية، والقوة الاقتصادية التي تمثلها ومن مظاهرها دعوة المملكة لقمة العشرين الاقتصادية التي عقدت مؤخرا التي تضم عادة الدول الأكثر تأثيرا في الاقتصاد العالمي.
أما دور المملكة في العالمين الإسلامي والعربي فهو دور يشهد له القاصي والداني سواء على صعيد دعم القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى وإصرار المملكة على حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على حقوقه العادلة في وطنه بما في ذلك حق العودة وتقرير المصير وتطبيق القرارات الدولية التي تقضي بانسحاب العدو من الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي مقدمتها القدس الشريف. أما مساندة المملكة الشعوب العربية في سوريا واليمن والعراق وضرورة وقف التدخلات الخارجية فيها ضد إرادة الاكثرية من أبناء هذه الشعوب وضد تشجيع الاقتتال المذهبي والطائفي، فهو موقف واضح ومبدئي تجلى في قرار عاصفة الحزم والعزم التي تهدف إلى وقف التدخلات الخارجية لقوى إقليمية ودولية تهدد مصالح شعوب هذه البلدان، كما تهدد المحيط بمزيد من التدخلات. ويلقى هذا الموقف تأييدا واضحا من القوى الشريفة والمنصفة من دول العالم وشعوبها وفي طليعتها دول التحالف العربي والدول الإسلامية الشقيقة ودول العالم الثالث.
وتبقى الذكرى السادسة والثمانون لليوم الوطني مناسبة لتأكيد هذه المواقف الثابتة، وعلى موعد مع الذكرى التالية - إن شاء الله - والوطن يعيش في أمن وأمان، ومزيد من المنجزات على كل الصعد باذن الله.