كيف تقضي «اليوم الوطني»؟ هل هو مناسبة للتعطل عن العمل والمدرسة، والانقطاع للاسترخاء وربما السفر؟ ليس لدي إجابة، لكن رغم كل ما يمثله لنا كمواطنين من قيمة عالية إلا أنه يكاد يخلو من الفعاليات.
في هذا اليوم بالذات علينا تذكر ما الذي صنعناه من أجل الوطن، وما الذي قدمناه وفاء لحقه علينا بأن نعمل ليل نهار لتقويته ولسيادته ولعزته، وماذا صنع كل منا للحفاظ على لُحمته وتماسك صفه، والبعد عن بعث التفرقة والتباعد والتنافر. نعم هو يوم للاحتفاء بوطننا، وفي هذا اليوم - وكسائر الأيام - علينا أن نعمل لرفعة الوطن وسؤدده، نعمل بجد وحرقة لإضافة قيمة، فهل «يوم الوطن» يوم للاستجمام والاسترخاء والسفر والتنزه؟ لا أقول: لا، بل بوسعنا فعل كل ذلك احتفاء بالوطن، أو نخصص جانبا منه للاحتفاء، وآخر لنحسب بالورقة والقلم كيف كان أداؤنا أن نحسب حساب عام سينقضي وعام سيولد؟ وكيف كان أداؤنا، من باب أن العاقل خصيم نفسه.
في بداية العام نعلن عما سنفعل، ومهم في يومنا الوطني أن نستذكر ما كنا بصدده، وما تمكنا من تحقيقه، فنطرح تساؤلات الراغب في تحسين أدائه وفاء لوطنه، فحق الوطن عظيم ولابد أن يُوفى، ولابد أن يُدرك صغيرنا قبل كبيرنا أن وطننا هو الحضن وهو الحصن الحامي بعد الله سبحانه وتعالى.
واستطرادا: لم لا تعلن الميزانية العامة في اليوم الوطني أي يوم 23 سبتمبر، لنستغرق ما بقي من العام إقفالا لمشاريعه وتحضيرا لتحديات جديدة يحملها العام المقبل؟ وما المبرر لذلك؟ لن يتمكن أحد (فردا أو جهازا) من استقبال عام وتوديع آخر في غمضة عين في آخر ديسمبر، وعليه فإعلان الميزانية العامة قبل نحو ثلاثة أشهر من نهاية العام سيعني أن المجال أمامنا واسع لنعلن ما حققناه وما لم نتمكن من تحقيقه تحديدا. فالميزانية إجمالا عبارة عن برنامج عمل، بل إن إنجاز ما تعج به ميزانية العام من مشروعات ومبادرات يمثل تحديا جسيما، والسبب أننا قضينا سنوات تُعلن فيها ميزانية جل انفاقها على البابين الأول والثاني، أي رواتب ومصاريف إدارية ومستهلكات، وقضينا سنوات نخصص عشرات المليارات للانفاق الرأسمالي لتكوين الرأسمال الثابت استثمارا في الأصول الثابتة مثل البنية التحتية والمدارس والجامعات والمستشفيات ومشاريع النقل من طرق مترو ما فاق كل تصور، ونجحنا في تنفيذ مشاريع، وتعثرنا في إكمال أخرى.
وحاليا - وقد أعلنت «الرؤية السعودية 2030» وأعلن برنامج التحول الوطني - فنحن أمام مرحلة جديدة تستوجب تحدي الذات للارتقاء بالأداء، وتحقيق نتائج تُلمس على الأرض وتنعكس إيجابا في حياتنا جميعا، وتحقق تطلعاتنا الى أن تضعنا في مقدمة البلدان نسبة للناتج المحلي الإجمالي.
وإنجاز ما تتطلع له الرؤية السعودية أمر يستحق الاحتفاء، فهي تنطوي على مبادرات ستؤدي للارتقاء بمستوى معيشة المواطن واسعاده، وفي تعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتحسين فرص الاستثمار والعمل.
وبذلك نجدد العهد للانجاز في العام المقبل بإعلان ميزانيته قبل حلوله بوقت فسيح لنخطط للتنفيذ فتنطلق صافرة التنفيذ مع ولادة الساعات الأولى من العام المقبل، وفي نفس الوقت نكون عكفنا على جرد ما أنجزناه في العام الذي على وشك أن ينقضي، فما أن يأتي يومه الأخير إلا وقد جردنا ما أنجزناه وتمعنا في الأسباب وكيف نسارع لتفادي أي قصور.
اليوم الوطني فسحة لنحتفي بوطننا، ولنتذكر أنه قام على سواعد عملت بجد واجتهاد ومثابرة وتضحية، وأنه بحاجة لمساهمتنا جميعا للحفاظ عليه سيدا عزيزا حاضنا لكل أبنائه.
والاحتفاء بالوطن له صور شتى، لذا يجب ألا يكون مجرد يوم عطلة كسائر أيام العطل.