في كل مرة أقرأ عن تاريخنا وحضارتنا الدينية والمجتمعية بل وعن ثقافتنا القبلية.. أكتشف أن هناك مبالغات كبيرة في الوصف والذكر.. وكأننا شعب لا يضاهينا أحد؟!.
السؤال المطروح الآن: هل نحن جزء من العالم نشبهه في كل شيء.. نتأثر بما يتأثر به.. نتطور وفق الأساليب التي يعتمدها هذا العالم، ونتأخر اذا تأخرنا عن الركب ورفضناه؟.. هل نحن كذلك؟!.
ما الذي لا يجعلنا اكثر قدرة على الارتقاء والتفوق والى الدرجة التي نسبقهم علما ورقيا؟ هل حجم عقولنا أصغر.. أم ان علينا حظرا بمنع العلوم والمناهج المفيدة عنّا؟!.
ما نعلمه أن أي بلد أراد الرقي فعليه أولا أن يتخلص من أسماله البالية.. وأن يبدأ بتجديد فكره ومناهجه.. ان ينتزع كل ما من شأنه إعاقته. معرفة القدرات والبحث عن الأفضل والارتقاء بالذات وتعويدها على التقدم مسألة رقي حضاري مرتبطة بتقدم الوعي لدى الفرد وزيادة تطوره، وهنالك دول نجحت تماما في تغيير واقعها المزري الى شأن أرقى وأكثر جدوى لمواكبة المستقبل.. رغم أن هذه الدول لم تكن تملك من المال وثروة الأر ض الشيء الكثير!.
لكن لماذا نحن كعرب.. ولنقل كسعوديين لا نستطيع فعل ذلك حتى لو كثرت من حولنا الرؤى وكل ما يعين على أن نغير واقعنا الاستهلاكي الخامل الى الانتاجي المتفوق؟!.
اذا اردنا معرفة ما يعيقنا، فعلينا أن نكون صادقين مع انفسنا؟! في البدء هل سألنا انفسنا لماذا نعيش وفق الحضارة الجديدة ونتعامل بعكس ما تريد هذه الحضارة؟! لماذا مازلنا الوحيدين الذين نعيش جذورنا ونعلقها معنا في كل مكان.. جذورنا القبلية الاجتماعية الفكرية ، ونتعامل مع الآخرين وفقها وفي إطارها؟!.
وكأننا وفق تناقضاتنا الى الآن لم نعرف من نحن؟!.. ماذا نريد؟!.. هل نريد أن نكون انطوائيين على عاداتنا وفكرنا وبحثنا عن الراحة والانقياد وفق نظام القطيع الذي استأنسناه منذ قرون طويلة.. أم أن نكون اصحاب شأن وحضارة؟!.
لن نلوم الناس في سوء اختيارهم.. لكن وجب أن يكون لهم من يعينونهم على ذلك .. فحينما اختارت دول كثيرة واقعها الحديث كما اليابان وكوريا وسنغافورة وحتى تركيا وماليزيا فإن ذلك تم بالتغيير الجذري لما كانوا عليه من الأعلى الى الأسفل، وأول ما بدأوا به، الغاء نظام القطيع التلقيني في التعليم.. باعادة صياغة الافكار.. بالتعديل المنهجي والحضاري.. والذود عن كل ذلك بما يملكونه من قوة حتى اصبح الشعب فاعلا قادرا على أن يقود الامر بنفسه وتكون انتاجيته الفكرية والصناعية ملء العالم. علينا أن نعرف - قبل أي توجه لارتقاء - من نحن وماذا نريد؟! وما هي المكانة التي نبحث عنها؟.. هل نحتاج الى قراءة التاريخ والتراث وغربلتهما دون أن نفقد هويتنا وديننا.. ولا بأس ببعض التغيير بما يتوافق مع عصرنا الجاري. ووفق ما يجعلنا اكثر تحررا وانطلاقا الى الأمام؟!.
إذا عرفنا من نحن وماذا نريد.. قبل أي توجه لتحقيق الرؤى، تمكنّا من أن نصل للمكانة التي تليق بنا في تحقيق المسيرة الحضارية لدولتنا ومجتمعنا.. وهنا سنحقق الهوية التي تميزنا الآن وفي المستقبل، الهوية التي ستجعل بلادنا ومجتمعنا يقود ولا يقاد!.