قبل شهر كتبت مقالا في جريدة (اليوم) بعنوان (المصيبة في بلاد واق واق والهشتاق سعودي) ورأينا السيناريو يتكرر لأمر لم يحدث في محيطنا، بل حدث عام 2013م في مدينة نيويورك، حيث قبضت السلطات الامريكية على نائبة القنصل الهندي السيدة (ديفياني كوبراغيد) بعد هرب مستخدمة هندية تعمل لديها اسمها (سانغيتا ريتشارد) قدمت شكوى ضدها. وفي بداية الحدث تفاعلت الصحافة الهندية وكل مواطن في الهند مع مواطنتهم وطالبوا بتغييرات كردة فعل على أسلوب القبض ضد البعثات الدبلوماسية الامريكية في الهند. ورغم الإعلان عن بعض الاجراءات، إلا ان الواقع يقول: إن كل ما تم القيام به لا يعكس الواقع خاصة ان هناك امورا في الخفاء حيال القضية وتصرفات عرفت عن نائبة القنصل الهندية. وبدأت تعليقات الكثير من المحللين الهنود بالحديث عن كيفية وصول نائبة القنصل إلى مركزها في السلك الدبلوماسي، وكذلك استفسارهم عن رجوعها للهند بعد ان تم حجزها فترة بسيطة، وكذلك لماذا أخفت عن الحكومة الهندية أن اثنين من أطفالها يحملان الجنسية الأمريكية.
وبالطبع التهمة الرئيسة التي وجهتها لها الدوائر الرسمية الأمريكية حيال وضعها معلومات مغلوطة في وقت الدبلوماسي لا تحميه الحصانة إذا كان الخطأ متعمدا حيال معلومات كتبت اثناء تقديم الفيزا. وبدأت وزارة الخارجية الهندية محاولة رفع مستوى الحصانة الدبلوماسية وتغيير موقع عملها ليكون تابعا للبعثة الدبلوماسية في الأمم المتحدة، والغريب في الأمر هو أننا رأينا تفاعلا كبيرا في مجتمعنا لصالح السيدة الهندية في وقت لم تتوقف ولم تتردد فيه وسائل الإعلام الهندية عن توجيه النقد لمؤسساتنا الأهلية والحكومية وتشويش المعلومة في الشارع الهندي عن مجتمعنا حيال عمالتها المتواجدة في المملكة، ووقفت مع الآخر ضدنا في أي مسألة لها علاقة بقضية طرفها مواطن سعودي.
وبالطبع واضح من التفاعل السعودي والوقوف في صف نائبة القنصل الهندي انه ليس حبا في الهنود، لكنه نوع من التشفي الذي - باختصار - كان يقف مع امرأة من الجنسية الهندية أخطأت وانتقدها كل هندي بعد تكشف الكثير من الحقائق حيال تصرفاتها. ومن المعلوم أن العلاقة مع أمريكا هي التي حركت كل شيء في الهند، وأهم المناورات العسكرية للهند تتم مع الولايات المتحدة، وكل ما تم إعلانه من قبل الهند كان اثناء بداية الأزمة وكنوع من رد الفعل التلقائي القصير المدى، لكنها قرارات ليست ذات أهمية، لان معظمها يتعلق بأمور شكلية مثل إلغاء بطاقات مرور شكلية للدبلوماسيين الأمريكان، وقد يكون هذا ما حرك شجون الكثير وكأن الهند قامت بغزو أمريكا.
والحقيقة أن كل ما في الأمر أن الهند معروفة بالعمل بأسلوب الطبقية، وأن امرأتين من طبقتين مختلفتين من الهند أتتا للمجتمع الأمريكي المختلف وحصل خلاف بينهما وصل إلى حد أن والد نائبة القنصل اتبع أسلوب الاتهام الجاهز، وهو أن الخادمة الهندية عميلة للاستخبارات الأمريكية، وأنهم أرادوا تدمير حياة ابنتهم السياسية... المشكلة هندية، ونحن من بالغ في الحديث عنها.