اليوم افرد المقال لا للحديث عن شخصيات إدارية ثرية الباع لكن لقراءة أبعاد المتابعة الادارية خصوصاً المباغتة منها. مفاجأة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لعدد من دوائر حكومة دبي (بلدية دبي، ودائرة الأراضي والأملاك، ودائرة التنمية الاقتصادية، ومطار دبي الدولي) بزيارة مقارها في تمام الساعة السابعة والنصف صباحاً. التصبيحة التي تحولت لمفاجأة عكسية للجميع (وهو أولنا)، والتي أثبتت تغيب عدد من المسئولين وردة الفعل باحالة مجموعة من الإداريين للتقاعد مع المطالبة بعدم ربط هذا القرار بتلك الحادثة وهذا حق إنساني. الزيارة التي لم تكن بداعي المراقبة بقدر ما هي بداعي الاطمئنان على حسن تخطيط وادارة إمارة دبي وما يترتب على ذلك من قياس ادائه هو وقيادات دبي قبل أداء قيادات الجهات التي تمت زيارتها. وسائل الإعلام كانت أقل من مستوى الحدث وضجت بعبارات روتينية واضرب لكم «وجاهزية تلك الجهات لتقديم أفضل نوعيات الخدمة، وأرفعها كفاءة، لضمان أعلى مستويات رضا المتعاملين، وذلك في إطار حرص سموه على متابعة سير العمل في مختلف الدوائر الحكومية، لتقديم أفضل مستويات الخدمة للمتعاملين وفي جميع الأوقات». يبدو أن الرجل (وأعني محمد بن راشد) نجح في قياس أدائه هو وتطلعاته، ودور الجهات المفصلية في تحقيق رؤيته، لاسيما أن أغلب دول الخليج قد أعلنت عن رؤيتها للعام 2020 أو 2030م ونحن جميعاً لا نشك في هذه الرؤى لكننا نظن أن المسؤولين الاداريين متخاذلون وهم دون طموحات الأوطان والأفراد. قد يرى البعض أن لدينا جهات ودواوين معنية بالرقابة والمتابعة، أقول نعم لكن أظن دبي لديهم المثل أيضاً، وهذا لا يعفي المسؤول من المساءلة! أمر آخر في هذه الزيارة أنها لو وقعت في مكان ما لكان التوجه لعدم إعلانها للجمهور وهذا تغييب لعنصري الحوكمة والشفافية الادارية، ولرأينا أن بهذا تشهيرا للمعنيين واساءة للجهات الحكومية ولتم حجب التفاصيل، رغم أن العكس قد يوعز في المواطنين أمل الثقة في تحسن الخدمات. ذكرتني هذه التصبيحة بمقولة غازي القصيبي «إن ضبط الدوام ليس معضلة كبرى كما يتصور البعض. وصول الرئيس في الموعد المحدد يضمن وصول بقية الموظفين في هذا الموعد، وبقاؤه إلى نهاية الوقت المحدد كفيل ببقاء الجميع»، وعبارته «ابحث عن شريك فعلي يتحمل المهام معك، حتى تجد الوقت الكافي للتأمل والتخطيط للمستقبل.» واضف أن «اختيار المساعدين الاكفاء نصف المشكلة، والنصف الآخر هو القدرة على التعامل معهم. الذي يريد مساعدا قوي الشخصية، عليه أن يتحمل متاعب العمل مع هذه الشخصية القوية. أما إذا كنت لا تريد ان تسمع سوى «نعم نعم نعم!» فمن الأسهل - والأرخص- أن تشتري جهاز تسجيل.أما إذا كنت تريد بالفعل مشاركة الرجال عقولهم، فعليك أن تتذرع بصبر لا حدود له» أمر أخير هذه التصبيحة ذكرتني بازدحام الموظفين في بعض الادارات للتوقيع أو البصمة بينما يتسلل المسؤول خلسة بعد العاشرة أو الثانية عشرة.