«يُنقل عن تاجر من تجار الصين قوله: يطلب مني بعض التجار المسلمين تزوير بضاعتي بوضع أسماء ماركات عالمية عليها، ثم يرفضون الطعام الذي أقدمه لهم لأنه غير حلال!».
هذه المقولة حتى ولو لم نعرف التاجر الصيني، ومن الصعوبة اليوم أن تنقل قولا عن شخص دون أن تسمعه من لسانه وباربعة شهود عدول، إلا أن الواقع يصدقها ومن أكثر من جهة (غش التجار، وخدعة الماركات، واهتمامنا بالتفاهات) مع شديد الأسف، إلا أني سأركز في هذا المقال على مصيبة التناقض الذي يعيشه البعض، فهو خارج بيته رقيق كريم، وداخل بيته شيطان رجيم.
والآخر صالح مصلح، يكتب التغريدات ويلقي الكلمات في قضايا إصلاح الشأن العام، وإذا أتيت لمقر عمله وجدته أسوأ الموظفين!
والآخر داخل البلد من خيار الناس، لكنه إذا ختم الجواز تحول إلى كائن آخر، لا علاقة له بالكائن الأول نهائيا!
ما سبب هذه الازدواجية المدمرة؟!
أعتقد أن من أهم الأسباب غياب التربية الأسرية والمجتمعية على رقابة رب العالمين، وأن الله معكم حيثما كنتم ولا تخفى عليه - جل جلاله - خافية، واستبدالها بالعبارة التي تتردد على أذن الواحد منا منذ ولادته «أهم شيء لا تفشلني قدام الناس»!
رغم ان التربية على رقابة رب العالمين هي التربية ذات الأثر الدائم والناجح، فالبشر - آباء ومديرين وجهات رقابية - لن يستطيعوا أن يراقبوا تمام المراقبة ولو ملكوا أحدث الوسائل، كما أن من علق قلبه بالله نجا وسعد وعاش حرا أبيا، ومن علق قلبه بعباد الله مات مهموما، وعاش مهزوزا، ولم ينل رضا الله ولا رضا الناس!
فمن أرضى الله - حتى ولو أسخط الناس - رضي الله عنه، وأرضى عنه الناس، ومن أسخط الله - حتى ولو كسب الشعبية لدى الناس - غضب الله عليه، وأسقطه أمام الناس، كما أخبر الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه.
أخيرا أجد لزاما أن أختم بتحذير رئيس وهام حتى لا يُستغل ما سبق: هذه الطرفة وما تبعها ليست حجة لمن يكفر بالكتاب جميعه، فهذا مثل من يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض إن لم يكن أسوأ!.