العملية الأمنية الاستباقية التي تمت أول أمس الثلاثاء في بلدة أم الحمام التابعة لمحافظة القطيف، التي أسفرت عن قتل إرهابي، وإصابة آخر ومن ثم القبض عليه، وهما في طريقهما لاقتحام أحد المساجد هناك بنية التفجير، ليست عملية فريدة من نوعها في سجل الكفاءات الأمنية السعودية، رغم أنها جمعت كل عناصر التفرد والتميز، بقدرتها الفذة على احباط العملية الإرهابية قبل إنجازها من خلال الحس الأمني الرفيع، ومن ثم سرعة التعامل مع المعطيات، وعزل المنطقة موقع الحدث بطوق أمني لتجنيب المدنيين مخاطر المواجهة مع الإرهابيين، ما يؤكد أن الأمن السعودي - بحمد الله - أصبح يمتلك من المهارات والقدرات والخبرات في التصدي للإرهاب ما يفوق كل أحابيل الإرهابيين ومكائدهم وخططهم التي تستهدف إثارة القلاقل في مجتمعاتنا، وزرع الفتن عبر تمزيق صفه بمثل هذه العمليات القذرة التي تستهدف الآمنين فيما يُفترض أن يكون هو أبعد الأماكن عن احتمالات الأذى - نعني بيوت الله - حيث تقام الصلوات، وينخرط المصلون في مناجاة خالقهم سعيا لنيل غفرانه، لو لم تتصد لهم قواتنا الأمنية بحزم، وتقطع الطريق على مخططاتهم الخبيثة، وتذيقهم شر أعمالهم قبل أن يتمكنوا من إراقة دماء الأبرياء.
ويزدحم سجل القوى الأمنية في بلادنا - بفضل الله - بالكثير الكثير من العمليات الاستباقية التي حالت دون تنفيذ جملة من الجرائم الإرهابية التي كان مصيرها الفشل بسبب يقظة رجال الأمن وارتفاع حسهم الأمني، وقدرتهم الفائقة على التقاط كل تحرك مشبوه قبل اكتمال حركته، وقطع الطريق عليه في وقت مبكر، الأمر الذي منع وقوع العديد من الفواجع، وهو ما يثير حفيظة تلك القوى المشبوهة من داعش وغيرها ممن يزداد ضغينة كل يوم على بلادنا، كلما أخفقت عناصره في تنفيذ إرهابه - بتوفيق الله - ثم بجهود رجال الأمن الذين أصبحوا في أرقى مستويات الجاهزية للتعامل مع كل الاحتمالات مهما تغيرت وتعددت أساليب الغدر والخيانة. حيث أصبح الجندي السعودي في غاية الوعي لتلك الأساليب حتى وإن حاولت المراوغة أو انتهاج أساليب مختلفة عن سابقاتها، ذلك لأن الأمن السعودي يدرك أولا أنه يُقاتل على جبهة الحق، وبالتالي لابد أن يكون الله معه، ثم إنه يعمل على حماية الأنفس البريئة التي يستهدفها الإرهاب الأعمى، وكل هذا يجعله في الصف الأقوى، ويقوي عزيمته وشدة بأسه. إضافة إلى تجربة بلادنا الطويلة مع مثل هذه العمليات الإرهابية، وقدرتها على التصدي لها، ما مكنها من أن تكون مرجعا دوليا في التعامل مع الإرهاب وعملياته القذرة، سواء على مستوى المعالجات الفكرية، أو على مستوى التعامل الأمني، والمواجهات المباشرة، أو المداهمات الاستباقية التي أجهضت بعض العمليات في مهدها، وهي الخبرة التي أضحت محل تقدير العالم في مواجهة هذا الداء الدولي الخبيث والعابر للحدود، الذي بات يضرب في كل مكان، حتى تلك الأماكن المحصنة.
وهنا لا يسعنا إلا أن نحيي رجال أمننا الأبطال لاحباطهم هذه العملية الغادرة، مع كل الدعوات لهم بالسلامة والمزيد من التوفيق.