DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

هل حسمت معركة حلب الأخيرة مصير الحرب في سوريا ؟

هل حسمت معركة حلب الأخيرة مصير الحرب في سوريا ؟

هل حسمت معركة حلب الأخيرة مصير الحرب في سوريا ؟
أخبار متعلقة
 
في مجتمع يكاد ويكون شبه موحّد، من ناحية الانتماء إلى مدينته، التي طالما تعامل معها كامتياز تأريخي، وكحضور جغرافي فاعل، يصعب أن يدمر العنف مهما كانت مصادره. روح التوحّد، وقوة ردّة الفعل إزاء الحدث السلبي الذي يحاول أن يمحيها من خارطة الحضور التأريخي. لذلك يكون رد فعلها قوياً، وصارماً، بل وغير متوقع من قبل الخصوم والاصدقاء. وما حصل في الشهباء حلب كان التطبيق المبدئي لقاعدة الدفاع الايجابي المباشر... تتكشف الوقائع الميدانية في مدينة حلب السورية، بأن القوات النظامية التي سيطرت على طريق الكاستيلو والذي هو الممر الحيوي الوحيد لإمداد المدينة وأهلها، كانت قد وضعت خطة مزدوجة قيد التنفيذ. القسم الأول منها يقوم على افراغ الجزء الذي يحتلّه المقاتلون من الناس تدريجياً. وبالتالي يأتي دور الخطة الثانية أو الجزء الثاني من الخطة، وهو الانقضاض بمجموعة ابادة تقدّر بأربعين ألف عسكري مكوّنين من سبعة آلاف عنصر من النجباء والذين هم ينتمون أساساً إلى مرجعية الحشد الشعبي العراقي، وخمسة آلاف مقاتل من قوات حزب الله الذين تمّ سحب أغلبيتهم من مناطق عدة من سوريا، ووضعهم في مواقع حسّاسة على مقربة من المدرسة الحربية، ثم إنزال ما لا يقل عن 13 ألف عنصر من الحرس الثوري الايراني. يضاف إليهم ثلاثة آلاف مقاتل أفغاني بشتوني وباكستاني من جماعة حركة الحق. أما بقية العناصر فإن أعداداً من المجنّدين الجدد ومن بعض الألوية التي نقلت من منطقة (النبك) ومن مناطق قريبة من الشام. ويربو عدد هؤلاء على 12 ألف عنصر، أهمهم كتائب سرايا الأسد الاقتحامية التي يشرف عليها مباشرة، الشقيق ماهر الأسد. يضاف إلى ذلك الدعم السياسي والاعلامي غير المحدود. أما عناصر الاسناد حسب الحسابات السورية فهي تقوم على فوج مجوقل جاهز للعمل خلف صفوف الأعداء، إضافة إلى عدد كبير من الطائرات السمتية وقاصفات السوخوي الروسية المدعومة بطائرات الميك 27 الجديدة التي تسلّمتها سوريا مؤخراً من روسيا. كل هذا الحشد ضد جبهة لا يزيد طولها على الـ26 كيلومتراً وعمقها لا يتجاوز العشرين. ولكن فيها حشد شعبي وقتالي هائل. وحين أدركت الفصائل المقاتلة في حلب ما يعدّ لها في الجانب الآخر. قررت مجتمعة جملة أمور قلبت بموجبها الموازين. أولاً - أن تحلّ جبهة النصرة نفسها، وتفك ارتباطاتها بالقاعدة وتعلن ذلك مسقطة مبدأ العمليات الخارجية، ومبتعدة عن الأسلوب الداعشي. على أن تضع نفسها رهن الاندماج بالفصائل الأخرى. وهذا ما جرى فعلاً حين خرجت من جبهة النصرة. وأسمت نفسها بفتح الشام، معلنة خصوصية معركتها. ثانياً - أن تنضوي جبهة تحرير حلب تحت لواء الجيش الحر مباشرة وتشارك مع بقية الفصائل في غرفة عمليات مشتركة واحدة. ثالثاً - تتكوّن هيئة اركان جديدة تحت لواء الجيش السوري الحرّ وتقود المعركة بكل القوى المتحالفة. رابعاً- الاستفادة من جميع الطاقات والإمكانات، وتوزيع أنواع الأسلحة المتطوّرة التي وصلت مؤخراً. ومنها اساساً صواريخ تاو الموجّهة والخاصة في ضرب الدبابات المتحركة عن بعد، واصطياد القنّاصة المقابلين لخطوط التماس. خامساً - تجنّب المواجهات الميدانية الواسعة. وتوزيع المعارك على نقاط كثيرة ومتعددّة، لكن شريطة أن تكون متحركة أو سريعة الحركة تعتمد على حركة الجسد الواحد. سادساً - تحريك الشارع بقوته المتمثّلة بالاطفال والمراهقين للبدء بحرق اكبر كمية من الدواليب، أو بقع المازوت الأسود، بغية إيجاد غيمة سوداء فوق المعركة، تخدم في حجب الرؤيا عن ساحة المعركة. سابعاً - المبدأ الأهم في القتال المتحرّك هو المبدأ الاقتحامي، فالتركيز على أهداف الخصم، يجب أن يرافقه تحرّك اندفاعي باتجاه مواقعه. واحتلالها أو شلها على اقلّ تقدير. ووفقاً لنظرية «جياب» جنرال الحرب الفيتنامية. فإن الدفاع المتحرّك هو هجوم اقتحامي، وإلا تحوّل إلى دفاع ثابت ليس بمقدور الثوّار حمايته من مدفعية وطيران العدو. ثامناً - الاستعمال الكثيف للراجمات والهواوين من مختلف الأعيرة. بحيث تؤثر مباشرة على تموضع العدو وتمنع مقدرته على تشكيل مواضع قصف مضاد. كما تدمر كثافة النيران معنويات الخصم أيضاً. ولحسن حظ ثوّار حلب، فإن الطيران الروسي - المؤذي جداً - كان في اليومين الأولين من المعركة شبه معدوم. ويقال بأن الأمر كان مقصوداً من قبل القيادة الجوية الروسية، والتي سبق لها أن نصحت الرئيس الأسد، بعدم تحويل معركة حلب إلى معركة ابادة. بل يجب أن تبقى عند حدود الضغط العسكري والمعنوي، بغية جلب الطرف الآخر إلى طاولة المفاوضات. لكن الأمر لم يلاق أي قبول من قبل هيئة اركان الأسد، التي رأت بأن الانتصار على حلب سهل، وهو سيقلب المعادلات الشرق أوسطية كلها (حسب تعبير السيد حسن نصرالله) أيضاً. من هنا بدأت الآن حملة الانتقاد للموقف الروسي، سيما وان الأمر تطوّر بشكل لا يثير رضا السوريين، عندما تمّت المصالحة الكبرى بين الروس والأتراك، اثر زيارة السيد رجب طيب أردوغان إلى روسيا واجتماعاته الناجحة مع الرئيس بوتين. بل والإعلان عن تنسيق روسي تركي بشأن سوريا في المستقبل القريب. المشكلة التي بدأ يعاني منها النظام السوري هي ماذا يستطيع أن يفعل مثلاً حيال قرار هدنة الساعات الثلاث يومياً التي أعلنها الروس في حلب. وهذه الساعات كافية لادخال المؤن والسلاح وما يحتاج إليه الثوار حتماً!! ثم ماذا سيفعل النظام السوري إزاء دعوة بوتين لإيران بأن تنسق معه ومع تركيا بشأن الأمور العامة في سوريا، والامور الخاصة في حلب؟ هل النظام السوري رقم منسيّ ولا علاقة له بما يجري في وطنه سوريا؟ المعلومات المتسرّبة حتى الآن، من القمة الروسية التركية. تفيد بأن المسألة السورية أخذت حيزاً كبيراً، وان عدم الإعلان حتى الآن عن أي تفصيل بشأن الاتفاق بين روسيا وتركيا حول سوريا، يعود إلى نتائج الحوار القادم مع إيران، والتي يقال بأن مفاجأة (أردوغانية) سوف نشهدها قريباً. عندما يزور رئيس الوزراء الايراني روحاني أنقرة حاملاً كامل استعداده للتعاون مع روسيا وتركيا. والثلاثة يمكن أن يتفقوا على حلٍ للمسألة السورية، وسواء قرّر هذا الحل مصير الأسد، أم تجاهله. ماذا تستطيع أن تفعل دمشق؟ لقد حسمت معركة حلب الأخيرة. مصير الحرب في سوريا. فبدلاً من أن تكون النهاية لصالح بشار الأسد كلياً، ستكون لصالح سوريا كلياً. ومن يعش سيرى!