كانت السيدة (ميم) طول نهار اليوم مشغولة جدا ما بين نظافة البيت والغسيل وإعداد الطعام، وكان الاهم من ذلك أن تكون جاهزة لحظة مرور قريبتها وزوجها لتسافر معهما لزيارة شقيقها والمقيم خارج المنطقة. وفرصة لها لا تعوض ان ترافقهم فزوجها مشغول وبالتالي لن تتاح لها فرصة كهذه. الا بعد فترة ربما تأتي او لا تأتي.. من هنا فهي مشغولة وقلقة، فأمامها بعض المهام التي من الضروري ان تسابق الوقت وتنهيها بسرعة. فموعد الزيارة في المستشفى محدود. وزوج قريبتها سوف يستأذن من عمله ويصطحبهم جميعا هي ووالدتها. كذلك لا بد أن تقوم بالواجب وتعد بعض الفطائر والكيك. فمن غير المعقول ان تدخل على شقيقها الحبيب ويدها فاضية.؟! فهي تعرف الاصول. وهذا هو المتبع في مثل هذه الحالات.. والأهم انها تعرف حب شقيقها لما تعده من مأكولات وعلى الأخص الفطائر وحلوى «الكيك» الذي يشبه كما يقول كيك ارامكو والذي تميزت به هذه الشركة منذ بدأت أعمالها. وكانت عندما تسمع كلماته المادحة تداري وجهها خجلا رغم انها تكاد تطير فرحا بإطرائه الدائم. لكنه يواصل مديحها بل إنه لا يتردد أن يتصل بها بعد ايام طالبا منها أن تعد له «الكيكة» وكم مرة أحرجها عندما يبعث أحد ابنائه حاملا معه كل ما تحتاجه هذه «الكيكة» من مكونات بيض، وطحين من نفس النوعية التي تعد بها الشركة «كيكها الشهير» وراحت تبتسم وهي تعد وتجهز ما سوف تحمله معها لشقيقها وتمنى نفسها برؤيته وهو بصحة وعافية كما تحب ويحبه جميع افراد أسرته.. وتناهى الى سمعها صوت نغمات جوالها. وأسرعت حاملة الهاتف فإذا هي زوجة قريبها تخبرها أن تكون جاهزة. فهم في الطريق إليها. مشيرة الى الخوف أن يتأخروا عن موعد الزيارة..؟! طمأنتها بأنها جاهزة وكل شيء على ما يرام فقط سوف تبلغ والدتها وتكونان في انتظارهم.. مرت لحظات وإذا صوت منبه السيارة يدعوهما للخروج.. حملت والدتها كيسة بلاستيكية احتوت على فطائر متنوعة، أما هي فلقد حملت «الكيكة» التي يحبها شقيقها والتي وضعتها داخل علبة كرتونية ولم تغطها خوفا على الكريمة التي كتبت عليها عبارة ملونة تتضمن أمنية ومحبة صادقة.. عندما اطمأنت على ركوب والدتها السيارة. ركبت هي الأخرى وهي تحتضن العلبة خوفا عليها.
تبادل الجميع السلام والتحايا وانطلقت السيارة في طريقها. كان زوج قريبتها قد راح يستمع الى ما في جواله من برامج غنائية من خلال سماعته الخاصة. وفجأة شعرت السيدة (ميم) بشي غير طبيعي يحدث لها هناك من يسحبها بشدة ويرفع رأسها ويصدمه بسقف السيارة وتارة على زجاج النافذة، وإذا بعلبة «الكيكة» تقفز من بين يديها ولترتطم بالسقف وتسقط «الكيكة» متناثرة عليها وعلى والدتها، وحتى وهي تصرخ وتستنجد وتطلب من قريبها الوقوف، فيبدو أن عباءتها قد سحبها «إطار» السيارة وكلما دار الكفر في سرعته راح يسحبها أكثر، ولو أن باب السيارة كان مغلقا بإحكام لسحبها معه خارجا.. وأخيرا تنبهت قريبتها لما يحدث وكانت هي الأخرى مشغولة بكتابة رسائلها النصية. وخفف السائق سرعته واتجه الى جانب الطريق وتوقف والدهشة تعلو ملامح وجهه.
وراح يسأل خير ماذا حدث؟. فردت عليه زوجته معاتبة بحدة كادت ابنة عمك (ميم) ان تفقد حياتها وانت رايح مستمر في سماع أغانيك، وشرحت له باختصار ماذا حدث؟!. والسيدة ميم تبكي وتتألم فلقد التوت رقبتها من السحب والارتطام المتكرر. ووالدتها تسمي عليها وتقرأ عليها المعوذات.. بسرعة اوقف السيارة وخرج ليتفقد (إطار) السيارة، وكم كانت دهشته عظيمة عندما شاهد كيف التفت اجزاء من عباءة «ميم» على الإطار.. وحمد الله كثيرا ان ما حدث. لم يتسبب في موت قريبته. وعاتب نفسه انه لم يتفقد ابواب السيارة قبل قيادته لها.؟!