عاجل
DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

أبي واسطة

أبي واسطة

أبي واسطة
أخبار متعلقة
 
يلعب دور الأب أو العائلة بشكل عام إضافة للبيئة المحيطة بنا دورا محوريا مهما في صقل إمكاناتنا وتزويدنا بالمؤهلات والمهارات المناسبة التي تعيننا - بإذن الله - على مجابهة الكثير من التحديات وتحقيق الكثير من الإنجازات ما يخفض حتما حاجتنا لما يعرف «بالواسطة»، ورغم ذلك لن أختلف مع الكثيرين في وجود ما يعرف بفيتامين «و» في أوساط مجتمعنا وفي كافة المجتمعات الأخرى أيضا بنسبٍ متفاوتة وانتشاره على مر العقود بشكل أضر بالنسيج الاجتماعي حتى أصبحت «الواسطة» آفة خطيرة وداء عضالا يحتاج لتدخل جراحي «حازم»، ولكن ما يلفت الانتباه أن مفهوم «الواسطة» مع مرور الوقت قد تغير بعض الشيء عما سبق، حيث إن «الواسطة» - وهي ما يعرف باستغلال النفوذ والصلاحيات للتمكن شخصيا أو لتمكين الغير من الحصول على شيء ما دون أحقية، بل واستبعاد من هو أحق بذلك - قد تغير مفهومها وانتقلت لمفهوم الشفاعة أكثر من أي وقت مضى. فالشفاعة في الإصطلاح هي «التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة» وتعتبر سلوكا حميدا شرعا ذكر في القرآن الكريم، وكذلك في الحديث الشريف. وتتمثل الشفاعة في تزكية الشخص المناسب أو الجهة المناسبة للحصول على ما يريدون شريطة استحقاقهم لذلك، وما يثبت تغير ذلك المفهوم، أن في السابق كانت «الواسطة» «عمياء» تعطي وتمكن من لا يستحق جهارا نهارا «عيني عينك» أما الآن بدأ الجميع يخشى سوط وسائل التواصل الاجتماعي «الفضائحي» وأصبح من يتوسط لشخص أو جهة ما يتحرى الدقة ويرجو «بياض الوجه» وأصبحت إمكانات ومؤهلات الشخص أو الجهة أكثر أهمية من أي شيء آخر وذلك لا ينكر وجود «الواسطة» ولكن بحدة أقل وبصورة أجمل مرتدية لباس الشفاعة. فعندما توجد شواغر وظيفية مثلا وتطلب مساعدة شخص ما لتمكين قريبك أو صديقك الذي يحمل الدرجة العلمية والخبرة المطلوبة فذلك أقرب للشفاعة منه للواسطة وعندما تعلم بوجود مشروع لدى منشأة ما يبحث عمن ينفذه وتطلب مساعدة شخص ما لتمكين صديق أو قريب لديه الإمكانات اللازمة والاشتراطات القانونية لتنفيذ هذا المشروع فذلك أيضا أقرب للشفاعة منه للواسطة. قد يكون سبب ذلك التحول وجود وسائل التواصل الاجتماعي وقد تكون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد سببا في ذلك أيضا وإن اختلفنا كثيرا على نتاجها وآلية عملها، لكن ما نستطيع الجزم به أن توجه الحزم الذي تنتهجه القيادة الحكيمة هو المحرك الرئيس لذلك التحول الذي أعتبره تحولا إيجابيا خاصة في هذه الأيام التي أصبحت فيها الشفافية مطلبا والفساد غولا، وأصبح من المحرج لأي منا طلب «شفاعة»، ما لم نكن مؤهلين لها بنسبة معينة، بينما على النقيض تماما ما كان يحدث في السابق، حيث كان من الطبيعي أن تطلب «واسطة» رغم ألا صلة لك بالمؤهلات والإمكانات المطلوبة سوى معرفتك بذلك الشخص صاحب النفوذ أو القرار الذي سيرتكب جُرما اجتماعيا كبيرا إن لم يلب لك طلب آنذاك. ولا شك أيضا في ظل كل ما ذكرنا أن هناك فئات قليلة مازالت تقتات على ما تفرزه «واسطاتها» بشكل وقح أكثر من جريء، وأخيرا يجب أن ندرك أن المفاهيم تتغير مع تغير الأزمان، وبالتالي يجب أن نتكيف معها ونعي أن تعريفنا للأمور بالشكل الملائم يساعدنا في وضعها بنصابها الصحيح، والأهم من ذلك ألا نعلق شماعة فشلنا في الحصول على مؤهلات وخبرات معينة على عدم وجود «واسطة» لدينا مع إعطائها حجما أكبر من حجمها، بينما السؤال الحقيقي الذي يجب أن نسأله لأنفسنا: هل تحصلنا على ما يلزمنا لنحقق ما نريد؟ هنا نحتاج للأمانة في الإجابة أكثر من الواسطة... دمتم بخير. الخلاصة: لنغير فيتامين «و» إلى فيتامين «ش».