▪▪ أن يكون لك وطن واسع المساحة فتلك نعمة، فكّر في المسافات بين مدنه وقراه، مؤشر يجعلك تقف بنفسك على عظيم نعمة الله، مساحة الوطن ميدان للاستمتاع بالعيش وفرص تنوع الحياة، تتعدد تضاريس الوطن الجغرافية، ميزة نسبية لتعدد نشاط العمل، هل تعرف المسافة بين نجران والدمام؟! بين حائل وجيزان؟! بين الخبر وأبها؟ بين القطيف وشرورة؟! هل تعرف المسافة بين الباحة وكل مدينة من مدن المملكة؟!
▪▪ ركزت على الباحة كمدينة ومنطقة، منطقة الباحة هي بلاد غامد وزهران.. أبناؤها ينتشرون في جميع مناطق المملكة، نموذج لقولي: (أن يكون لك وطن واسع المساحة فتلك نعمة). كل شبر من أرض المملكة ملك لكل مواطن، يمثل الهوية والانتماء والولاء، يمثل الشرف والكرامة.. الوجود والكبرياء، يمثل الخير في وجه الشر.
▪▪ أين موقعك الآن من الحد الجنوبي؟! هل أنت في القصيم.. في عرعر.. في الخفجي.. في تبوك.. في الاحساء.. في القطيف.. في ينبع.. في الجبيل؟! احسب المسافة بين موقعك وبين الحد الجنوبي. ستقف بنفسك.. على أن المسافات.. وإن تعاظمت.. تنكمش أمام قوة المشاعر. تعاظم المسئولية والغيرة يجعل كل مواطن يعيش في الحد الجنوبي وإن ابتعد، نحن أمام مسئولية كبيرة تجاه الوطن، تجاه الحفاظ على وحدة ترابه، تجاه لحمته الوطنية.
▪▪ ما الوطن أيها الإخوة؟! لست بصدد إعطاء تعريف قانوني، لست بصدد القاء محاضرة عن الوطنية، الوطن هو الحب الذي تدوم علاقته بالفرد حيا وميتا، السؤال كيف نقيس هذا الحب؟! هل نقيسه بالمال؟! هل نقيس حب الوطن بالمصالح؟! هل نقيسه بمقدار مكاسب كل فرد منا؟! الحب شعور عظيم بأهمية المحبوب غنيا كان أم فقيرا.. كلما تعاظمت الأهمية تعاظمت الغيرة.. كلما تعاظمت الغيرة تعاظمت شراسة الدفاع عن المحبوب.. الغيرة على الوطن أسمى أنواع الدفاع.. الغيرة على الوطن أعظم أنواع الأسلحة.. الغيرة تجعل حاملها في يقظة دائمة.. عينه ساهرة.. قلبه نابض بالحب والإخلاص.
▪▪ كل مواطن مسئول عن هذا الحب بطريقته الخاصة.. بفلسفته ومنهجه الخاص.. أن تبيع الوطن فتلك جريمة.. هناك أنواع عديدة لطرق البيع والخيانة.. يصبح حامل هذه الصفات عبئا على الوطن وأهله.. الأمم تتخلص من هؤلاء السفلة.. في أمر الوطن العلاقة ليست بين الفرد والتراب.. الوطن علاقة بين أفراده ومصالحهم.. من يسيء لمواطن يسيء للوطن بكامله.. من يبيع أخاه المواطن في سوق العنصرية والاختلاف والتناحر كأنما يبيع وطنه.. يسلمه للأعداء وللأشرار.. هل هذا ما يسعى اليه أصحاب هذه النفوس التي تجهل أبعاد تصرفاتها وسلوكها على حاضر ومستقبل الوطن؟!
▪▪ تعلمت في قريتي قبل البلوغ أن كل فرد مسئول عن القرية.. الشعور جمعي في قريتي الصغيرة.. ذابت القرية بعد توحيد المملكة.. لكن قانونها سيظل حيا الى الأبد.. كل قرية بنفس القانون.. الجميع بنفس الحب للقرية.. هذا القانون هو الغيرة نفسها التي أتحدث عنها.. القانون هذا يمثله (أنا وأنت) في هذا الوطن.
▪▪ يقول وزير الثقافة والاعلام: نواجه حربا شرسة عبر مواقع التواصل.. هذا يؤكد أهمية ما أقول بأن كل فرد مسئول أمام ما يشاهد.. ويقرأ.. ويسمع، الدفاع عن الوطن ليس برفع السلاح في وجه العدو الخارجي.. لكن أيضا برفع سلاح الكلمة.. سلاح الرأي.. سلاح الحب والمحبة.. سلاح العلم.. سلاح الغيرة.
▪▪ الوطنية هي الحب.. في هذا الشأن أطلق وزير التعليم مسابقة (معالم سعودية).. المسابقة لزيادة ترسيخ الوطنية في نفوس الناشئة.. كيف لنا كآباء وأمهات ترسيخها في نفوس الأبناء.. ترسيخ مفهوم المواطنة والهوية السعودية والإسلامية.. قوة للكرامة.. حب للحياة. تتحقق الأهداف بتوجيه طاقات الأبناء والبنات.. وتعزيز الوعي بالماضي.. والتنوير بأهمية المستقبل.. هناك الكثير أمام الآباء والأمهات.. يمكن تحقيق الأهداف بأدوات ووسائل بسيطة. ليكن الهدف دوما تحقيق الحب.. لكل من يعيش على تراب هذا الوطن.
▪▪ إحدى وسائل ترسيخ الوطنية (الحب) أن تزور تراب مناطق هذا الوطن.. لنرفع شعار: أعرف وطنك تخذل عدوك.. أن تزور مناطق الوطن لتتعرف على معالمه وملامحه وتاريخه.. تتعرف على أهلك وإنجازاتهم.. بهذا يتعاظم الحب الذي نحمل.. الوطن بأهله. والأهل برقي تفكيرهم.. وعظم مساحة تسامحهم.. وقيم الخير التي يحملون.. وتعاملهم بمكارم الاخلاق.. الدين المعاملة.. عاملوا الوطن بأعظم حب تستطيعون.
▪▪ اكتب هذا المقال وأنا في طريقي الى قريتي (الطلقية) ببلاد غامد.. كل شبر من بلدي هو تلك القرية.. محاط بأهلي في حلي وترحالي.. أين أنت الآن؟!