«الفشل في التخطيط.. تخطيط للفشل».. من منظور استراتيجي تلك هي قاعدة العمل في منظومة الرؤية الوطنية، بمعنى أنه لا مجال لخطط فاشلة ولا إخفاق في تنفيذ موجهات الرؤية التي تنتهي الى وطن طموح، وذلك يستتبع حرفية وكفاءة في كل التفاصيل التنفيذية بصورة منهجية وموضوعية لا يخترقها الفشل وتواضع الأداء، لأنه حينما تنطلق عملية كبيرة مثل الرؤية فإن أي تباطؤ أو تعثر يقود ذلك تلقائيا الى تدمير الحظوظ والفرص في استيعاب النتائج الإيجابية التي نتطلع اليها.
على صعيد المؤسسات التنفيذية، اعتقد أن من المهم استلهام الرؤية بأفق أكبر من الروتين الإداري السائد بكل ما فيه من بيروقراطية وانغلاق مهني حبيس التقليد والكلاسيكية قليلة الفعالية في دولاب العمل العام، فهناك فكر إداري متقدم ومتطور تجاوز الأفكار العتيقة وانفتح على التقنيات الإدارية للآخرين، وينبغي أن يسهم في كل متعلقات الرؤية، وأعني كل الكفاءات الوطنية المبتعثة والتي عملت في مؤسسات كبيرة ذات ارتباطات دولية ولا تزال بعيدة عن المشهد الإداري، وهنا من المهم المزج بين جيل الشباب ومن سبقهم بما يدعم مبدأ تلاقي الأجيال، وذلك يعيدنا الى نقطة مهمة وهي عدم التفريط في المتقاعدين وذلك من خلال اتجاهين، أولهما تمديد سن التقاعد، وثانيهما استيعابهم لمدة زمنية إضافية خارج مسار العمل الوظيفي كخبراء ومستشارين لأن كثيرين منهم يمتلكون الطاقة والرغبة في العمل الذي بذلوا حياتهم لأجله، والأكرم أن نرد الجميل لهم بهذه المعالجات حتى يمتلك الذين يأتون بعدهم فرصة أكبر في استيعاب الأعمال.
وربما يعتقد البعض أن إبقاء من دخلوا الحيز التقاعدي في وظائفهم يضيق الفرص الوظيفية على الشباب، ولكن ذلك يحدث إذا نظرنا الى الأمور من منظور ضيق وهو أن اقتصادنا باق على حاله، لأن الفكرة الأساسية في الرؤية هي التنوع والتوسع، وطالما أننا طموحون يجب أن نتسع بقواعدنا الاقتصادية الى أكبر مدى يستوعب جميع القادرين على العمل والانتاج، فهذا هو معنى البناء والتطور، فنحن لدينا الأدوات والقدرات التي تجعلنا نؤسس لاقتصاد تنافسي قابل لأن يتقاطع مع استثمارات العالم فلماذا نتعامل بأفق ضيق يخرج المتقاعدين مبكرا ونزحم الشباب في أضيق الفرص الوظيفية؟ دائما هناك مساحات للابتكار والانتاج والمنافسة العادلة ويجب أن نغتنمها، وذلك ما يجعلنا أكثر قدرة على مواجهة التحديات لأنه متى تحقق التنوع الاقتصادي ازدادت فرص النمو بما يجعل كل مواطن ومواطنة يمتلك خيارات أكبر في العمل والاستمرار في العطاء حتى لا تظهر أمامنا سلبيات اقتصادية إضافية تصنع تحديات في غنى عنها أبرزها بطالة المتقاعدين الذين يملكون القدرة والإرادة لمواصلة العمل، لنبدو وكأننا نضحّي بهم في خاتمة المطاف، فيما شباب لا يجدون من يدلهم على الطريق الأقصر للغايات.