شهدت منطقة الشرق الأوسط خلال هذه الأسابيع القليلة موجة حر شديدة تقول بعض التقارير إن هذه الموجات من الحر لم يشهدها العالم منذ ما يقارب 100 سنة، حيث سجلت درجة الحرارة بالكويت 54 درجة مئوية، طبعا هذا تحت الظل وكانت أعلى درجة حرارة مسجلة هي 7. 56 درجة مئوية كان ذلك في كالفورنيا ١٥ يوليو سنة ١٩١٤م.
ولأن تضاريس المملكة الجغرافية مختلفة، فقد كانت درجة الحرارة متفاوتة حيث كانت درجات الحرارة ربيعية في جنوب المملكة ومصايفها مثل أبها والطائف. في المقابل كانت درجات الحرارة في وسط الجزيرة العربية والمنطقة الشرقية تسجل درجات حرارة مرتفعة تقارب الـ50 درجة مئوية. هذه الأجواء الملتهبة كان الحمل الأكبر في مواجهة هذه الأجواء ينصب على شركة الكهرباء المنوط بها إنتاج الطاقة، وتعتبر المملكة العربية السعودية من اكبر الدول في إنتاج الطاقة بين الدول العربية، حيث يقدر الإنتاج بحوالي 65500 ميجا وات، وتعتبر السعودية من اكبر الدول في استهلاك الطاقة وقد يرجع ذلك الى طبيعة الحياة الاجتماعية والطقس وطراز البناء المعماري الذي لا يراعى كثيرا الأجواء الحارة في السعودية.
حيث ذكرت محطة سي ان ان في تقرير رسمي سعودي ان نصف حجم استهلاك الكهرباء في المملكة يخصص سنويا لأجهزة التكييف.
كما ذكرت وكالة الأنباء السعودية ان استهلاك الفرد في السعودية من الكهرباء يعادل ضعف متوسط الاستهلاك العالمي، وتقدر المصادر أن عدد أجهزة التكييف بمختلف أحجامها تبلغ حوالي 20 مليون مكيف، أي ما يعادل مكيف لكل مواطن، والحقيقة أن هذا الطلب في ازدياد فقد ذكرت الدراسات أن نسبة زيادة الطلب على الكهرباء سترتفع بنسبة ٨ % في عام 2020م وهذا يتطلب زيادة في الاستثمارات وضغطا إضافيا على الموارد الطبيعية
من غاز ونفط حيث تعتمد السعودية لإنتاج الطاقة على الغاز الطبيعي الذي لا يوجد بكميات تجارية قابلة للتصدير وكذلك تعتمد على الزيت الخام والديزل حيث يقدر ما يستهلك يوميا لإنتاج الطاقة في السعودية حوالي ٤ ملايين برميل نفط مكافئ.
كان يمكن توفير جزء كبير من هذه الثروة او الاستفادة منها للتصدير أو لاعمال أخرى لو كان لدينا مصادر أخرى بديلة متجددة وعلى الرغم ان المملكة أسست عام 2010 بموجب أمر ملكي مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة الذي بموجبه تعمل هذه المدينة على اقتراح السياسات الوطنية للطاقة الذرية والمتجددة وتنفيذ الخطط الاستراتيجية اللازمة لها اضافة الى انشاء وإدارة المشاريع لتحقيق الهدف المطلوب ونص المرسوم على انشاء مشاريع لتوليد الكهرباء من الطاقة الذرية والمتجددة وبناء مراكز للأبحاث والتطوير وكان من المفترض أن تساهم هذه المدينة في تقليل الاعتماد على النفط في إنتاج الطاقة وتساهم في تصدير الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية لكن للأسف وخلال هذه السنين لم نر انجازا أو إنتاجا فعليا ملموسا لهذه المدينة.
ولم نسمع عن حلول وبراءات اختراع تحل مشكلة الاستهلاك العالي للطاقة في المملكة وكافة دول المشرق العربي التي تواجه نمو الطلب على الكهرباء اكثر من الدول الأخرى، كان من المفترض أن تكون السعودية أكبر دول العالم في إنتاج الطاقة الشمسية لكبر المساحة وارتفاع درجات الحرارة ولكن من يطلع على الأرقام التي تقول ان الخطة الموضوعة هي إنتاج ما نسبته ٨٪ فقط من الطاقة المتجددة في عام 2020 وترتفع النسبة قليلا لتصل الى 15 % بحلول ٢٠٣٠م.
لا شك أن هذه النسبة لا تمثل الطموح خصوصا إذا عرفنا أن هناك دولا عربية الآن بدأت تنتج ما يقارب 30% من احتياجاتها وستصل الى 50 في المائة من احتياجاتها بحلول عام 2025 م.
وقد ذكرت بعض المصادر أن السعودية للكهرباء طلبت الدعم من دولتين خليجيتين لمواجهة الطلب المرتفع وهذا يدل على عدم نجاح السياسات والتصورات التي وضعتها مدينة الملك عبدالله للطاقة المتجددة في مواجهة الطلب الذي تواجهه السعودية في الأعوام المقبلة، ليس من المعقول أن تمتلك جميع هذه المقدرات وفي النهاية لا تستطيع أن تغطي الطلب المحلي وكان من المفترض أن تقوم بالتصدير لا بالاستيراد اعتقد ان المشكلة تكمن في الطموح والتخطيط السليم لمستقبل الطاقة في المملكة ومواجهة التحولات القادمة. نتمنى ان يتغير الوضع الحالي وأن نرى المملكة العربية السعودية في طليعة دول العالم والدول العربية في إنتاج الطاقة الشمسية المتجددة.