مطالبة العدالة الأرجنتينية لكل من سنغافورة وماليزيا بضرورة تسليمها وزير الخارجية الإيراني الأسبق علي أكبر ولايتي، والذي يزور الدولتين المذكورتين بتهمة الضلوع في تدبير الهجوم على مقر الكنيس اليهودي في بيونس أيرس عام 1994م، والذي يضم مجمعا للمؤسسات اليهودية إلى جانب الكنيس في العاصمة الأرجنتينية، والذي أسفر حينها عن مقتل 85 شخصا، وإصابة وجرح حوالي 300 آخرين، هذه المطالبة التي تأتي بعد 22 عاما من الواقعة معززة بالإشعار الأحمر من الشرطة الدولية (الإنتربول) بحق ولايتي، والذي يشغل الآن منصب مستشار المرشد الأعلى، تكشف طبيعة القيادات التي تحكم إيران، والتي تتخذ من الإرهاب أداة لها لإحكام سيطرتها على مقاليد الأمور، وكيف أنها تقامر بثروات الشعب الإيراني لتغطية جرائمها، حيث تشير التقارير الواردة بخصوص المطالبة الأرجنتينية الى أن المدّعي العام الأرجنتيني المكلف بملف الكنيس اليهودي البرتو نيسمان قدم في الرابع عشر من يناير 2015م أي قبل أربعة أيام فقط من وفاته تقريرا يقع في 300 صفحة يتهم فيه بعض أركان السلطة في بلاده بمحاولة التغطية على هذه القضية مقابل الحصول على النفط من إيران كثمن للسكوت عن إثارة هذه القضية.
وهناك متهمون آخرون في القضية إلى جانب ولايتي ومن بينهم الرئيس الإيراني الأسبق على أكبر هاشمي رفسنجاني وغيره من قيادات الصفوف الأولى في الحكومات الإيرانية المتعاقبة، مما يؤكد أن من يدير السلطة في هذا البلد لا يُمكن أن يكونوا رجال دولة، بقدر ما أنهم مجرد رجال عصابات منظمة، ترتكب الأعمال الإرهابية أينما كان ذلك يخدم مصالحها، ثم ما تلبث أن تلجأ لشراء بعض الذمم القابلة للبيع للتغطية على جرائمها، وعدم سوق عناصرها للعدالة، بل أنه ثبت وبوصول أحمدي نجاد لرئاسة الجمهورية مع دوره الرئيس في قضية اختطاف الدبلوماسيين الأمريكيين أن الأعمال الإرهابية هي أهم ما يلزم أن تتضمنه السيرة الذاتية لأي مرشح لتولي المناصب الكبيرة. ولو تمّت محاكمة كل المسؤولين عن الأعمال الإرهابية التي أدين بها النظام الإيراني، بعيدا عن الابتزاز الذي تمارسه حكومتهم، لانكشفت الصفحة السوداء لقيادات طهران، والتي تكتظ بالكثير من الجرائم، والمحاولات الجرمية كمحاولة الاعتداء على سفير المملكة في واشنطن سابقا، وزير الخارجية السعودي الحالي عادل الجبير، وغيرها من الأعمال التي يندى لها الجبين حينما يكون من وراءها مجرد رجال عصابات، فكيف هو الحال عندما يكون من يقف خلفها من يٌفترض أنهم رجالات دولة كالإرهابي ولايتي وغيره من المسؤولين الإيرانيين الذين تكافئهم سلطات بلادهم بعد كل عملية بمنصب رفيع وصولا إلى مستشار المرشد الأعلى، ولكم أن تستوعبوا إنسانية مرشد يمتلك كل السلطات المطلقة في بلاده، من خلال مستشار يقتل كل هؤلاء الناس بدم بارد بصرف النظر عن جنسياتهم أو دياناتهم، وبدون سابق عدوان. هذا مجرد أنموذج قدمته لنا العدالة الأرجنتينية لطبيعة الناس الذين يتسلطون على رقاب الإيرانيين من شعبهم، قبل أن يبثوا أحقادهم وسموم إرهابهم إلى محيطهم وإلى كل بقعة تبلغها أياديهم الملوثة بالدماء، مدفوعين بشهوة إشعال الفوضى والفتن في كل مكان.