السلامة مهمة وتعتبر أحد أهم أقسام نظام العمل السعودي، وتتمثل في فصل كامل مختص بالوقاية من مخاطر العمل والوقاية من الحوادث لتحقيق الأمن والطمأنينة للعنصر البشري وخفض نسبة الحوادث والإصابات في العمل، وخلال الأيام الماضية فوجئ موظفو إحدى أكبر الشركات في المملكة بمراسلة الشركة لهم وإبلاغهم بعدد المخالفات المرورية التي حصلوا عليها خلال السنوات الثلاث الماضية، واعتبرت الشركة هذا الأمر بأنه غير مقبول أبداً مع بعض الجمل الخجولة التي تميل للنصيحة والتوعية من أخطار الحوادث المرورية.
بعد إطلاعي على مضمون الخطاب، تبين أن هناك تجاوزات عديدة ارتكبتها الشركة، ومن تلك التجاوزات انتهاك خصوصية الموظفين وذلك بالحصول على معلومات خاصة بهم وبدون موافقتهم بطريقة تعتبر غير نظامية «حسب تواصلي مع العديد من موظفي الشركة»، بالإضافة إلى التلميح غير المباشر بمحاولة ربط تقييم الموظفين السنوي بعدد المخالفات المرورية التي يحصل عليها الموظف خلال فترة معينة في مخالفة صريحة للمادتين «التاسعة والستين» و«السبعين» من نظام العمل السعودي، ولو رجعنا لنص المادتين سنجد أنه لا يجوز اتهام العامل بمخالفة مضى على كشفها أكثر من ثلاثين يوماً، ولا يجوز توقيع جزاء تأديبي على العامل لأمر ارتكبه خارج مكان العمل ما لم يكن متصلاً بالعمل أو بصاحب العمل أو مديره المسؤول.
لا أقول إن الشركة بالغت في خطابها، ولكن الشركة تمادت في خطابها على موظفيها وقد يتسبب ذلك في مساءلات قانونية عديدة ومن الممكن أن تتكبد الشركة دفع تعويضات لموظفيها بسبب تلك التجاوزات، وقد فتح الموضوع تساؤلات عديدة عن كيفية حصول الشركة على معلومات محمية لمواطنين سعوديين.
الشركة كان من حقها أن تطلب من موظفيها قائمة بالمخالفات المرورية كمتطلب قبل التوظيف، أما بعد التوظيف فمن حق الموظف أن يقبل أو يرفض طلب الشركة بتزويدها بقائمة للمخالفات المرورية، وما قامت به الشركة في هذا القرار لا يرتبط بأي أحقية.
وجهة نظري الشخصية إن القرار كان خاطئاً جداً، بالرغم من صياغته الذكية إلا أن مضمونه كان غير منطقي أبداً، وفيه انتهاك لخصوصية الموظف والمواطن، والخطوة التالية والوحيدة هي الاعتذار لكل الموظفين عن هذا الانتهاك حتى لا يتكرر في مشاهد أخرى، وهذا لا يعني عدم محاسبة جميع الأطراف التي تجاوزت الأنظمة في هذا القرار.
المؤسف في سوق العمل السعودي أنه يتم النظر إلى شركة واحدة على أنها هي الوحيدة التي تطبق أفضل الممارسات في سوق العمل، وبعد ذلك يتجه أصحاب الشركات الأخرى إلى تطبيق نفس سياسات تلك الشركة في خطوة سلبية وغير منصفة على موظفيها.
