لكل دولة هوية خاصة تتّسم بها وتخصص معين يمتاز به موظفوها أو مواردها البشرية - إن صحّ التعبير-، وغالباً ما ينبثق هذا التخصص من ثقافة الدولة وطبيعتها أو من تاريخها أو عبر معطيات اقتصادها، وبالتالي يتم استقطاب مواطني هذه الدولة أو تِلك بناءً على تمكنّهم من تلك التخصصات المحددة التي تميزوا بها، رغم أنهم يقومون بأغلب الأعمال والتخصصات، إلا أن هنالك تخصصا أو تخصصين أو ثلاثة تخصصات تتميز بها بعض الدول وتصعب منافستها فيها، ومثال على ذلك الأردن، حيث تمتاز مواردها البشرية بتخصصات هندسة البناء وكذلك الطب والتدريب، بينما تمتاز موارد مصر البشرية مثلا بالمحاسبة إضافة لعلوم أخرى كالطب، وتعتبر لبنان من الدول العربية التي تجيد مواردها البشرية تخصص التسويق والمبيعات، وتصنّف الموارد البشرية الهندية على أنها الأولى في تقنية المعلومات، كما تعتبر الموارد البشرية الفلبينية الأولى في تقديم الخدمة أو في قطاع التجزئة والضيافة بشكل عام، في حين تعتبر الموارد البشرية البرازيلية الأولى في صناعة البن وكذلك لعب كرة القدم، وفرنسا بصناعة العطور، بينما سويسرا بصناعة الساعات والشيكولاتة، فيما تمتاز الموارد البشرية الماليزية بتقديم الخدمات السياحية، كما تُعدّ الموارد البشرية لدول وسط وجنوب أفريقيا متمكّنة في الأعمال اليدوية وكذلك الخدمة، ولن ننسى المزارعين السريلانكيين أيضاً، وكذلك ما تتميز به دول شرق آسيا من صناعات اقتصادية. وعليه تسعى كل تلك الدول للاهتمام بتلك الموارد البشرية المتخصصة، والتي تمثل الواجهة الحقيقية لاقتصادها وأحد أهم أسباب نموّه.
والسؤال الذي يتبادر لأذهاننا الآن: بماذا تمتاز الموارد البشرية السعودية؟ وهل لدينا متخصصون في قطاعات معينة نستطيع أن ننافس بهم عالمياً؟ حيث إن أغلب شبابنا وبناتنا عَمِلوا في عشرات المجالات والتخصصات وأبدعوا بها وما ازالوا، ولكن بالتأكيد لن نستطيع منافسة كل الدول بكل تلك التخصصات، بينما إن تأملنا قليلاً لوجدنا بضعة تخصصات تمتاز بها مواردنا البشرية وتراكمت لديها خبرات عبر عقود من الزمن من خلال ثقافتنا وطبيعتنا وتاريخنا وكذلك معطيات اقتصادنا ونستطيع المنافسة بهم عالمياً، ومن وجهة نظر شخصية، أعتقد من أهم تلك التخصصات: الهندسة المرتبطة باستخراج البترول والغاز بحكم كون المملكة الثانية عالمياً في احتياطي النفط، والأولى في إنتاجه وتصديره، وكذلك موظفو الموارد البشرية، كونه التخصص الأول الذي فتح ذراعيه للسعودة، فيما قد يكون تخصص الطب في المستقبل القريب من التخصصات التي تنافس بها مواردنا البشرية عالمياً؛ بسبب النجاحات الباهرة للأطباء والطبيبات السعوديين، إضافة لتميّز البنية التحتية الصحية لدينا مقارنة بدول الجوار، وإن اختلف معي البعض في ذلك، وقد تتميّز مستقبلاً بناتنا في قطاع التجزئة بسبب تضخم هذا القطاع واستهداف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية له فيما يتعلق بتوطين الوظائف النسائية أو ما يُعرف بتأنيث المحال النسائية، وكذلك تعليم البنات؛ كونه القطاع الأكثر جاذبية لبناتنا «اجتماعياً».
الخلاصة: يجب أن نغذي تلك التخصصات التي تمتاز بها مواردنا البشرية ونستثمر بها بشكل «استثنائي» كونها الرافد الحقيقي لاقتصادنا.
دمتم بخير،،،
تغذية الموارد البشرية بالمزيد من التخصص والتطوير يضمن التفوق