لفت انتباهي على غير العادة مشهد في مسلسل يفترض أن يعود للستينيات أو الثمانينيات في الخليج، لسيدة تقف خلف الباب وتنادي ليأذن لها أهل الدار وهم يتسامرون (بالحوش) باستخدام الحبل الخارجي المتدلي من الباب لفتحه من الخارج. أتذكرون تلك الثقوب، حين كانت منازلنا تدعى بيوتا قبل أن نطلق عليها اسم فلل ونضع عليها كاميرات وأجهزة إنذار للحراسة! المرأة سحبت الخيط أو الحبل وتوسطت الفناء ثم سلمت على الرجل والمرأة بعذوبة فطرية قد نعتبرها الآن سذاجة أو قروية. بل فظاظة بأن تزور دون أن تستأذن عشرين مرة وترسل إيميلا وإس إم إس. سؤال بريء قفز لمؤخرة ذهني من نحن؟
في عصرنا هذا النقد اللاذع أحد أفضل الهدايا التي قد تصلك ممن تحب، لأنه وبفضل الحواجز غير المرئيّة والأبعاد الحضارية لم نعد نجد من نتحدث اليه وجها لوجه، وقس عليه وجود من يمكن ان ينصحك أو يوجهك أو يعطيك صفعة باردة تدلك على ناصية اقرب طريق للصواب! الصفعة قد تأتيك من الوالدين، الأشقاء، الأصدقاء ولربما أستاذك، المهم انها ستكون صفعة محب. ليس بالضرورة أن نندم على معرفة أي شخص في حياتنا، لأننا قد نعض أصابعنا على رغبتنا بمعرفة بعض الأشخاص الذين يبدون برّاقين عن بعد لنكتشف أن وجودهم نقص في ذاكرتنا لمعنى وفقه الوجود الإنساني. يقولون في الحكمة التي لا اتفق معها: إن الناس الجيدين يعطونك السعادة، والناس السيئين يعطونك التجربة، أما أسوا الناس فيعطونكَ درسًا! وسبب عدم اتفاقي أن العطاء لا يمكن ان يكون استنزافا أو قيمة من طرف واحد، اما ان السيئين هم من يعطون الدروس فهذا ايضا مخالف، فأقرب الأشخاص لك قد يكون هو من لقنك أفضل درس في حياتك وكشفك امام نفسك، وان قلنا ان الغدر من شيم البعض فمرحباً بدروس الغدر التي تجعل لحياتنا نقاطاً ولمعانيها حروفا متصلة ومفهومة.
دللِ النفس بالحنوّ عليها .. لا تكن جالبَ الهموم إليها
إن يكن مسّك الزمان بضر .. لا تكن أنت والزمان عليها