أي محاولة إرهابية، حتى وإن كتب لها الفشل، تترك من ورائها ما تتركه، تماما كالمحاولة الإرهابية البائسة التي شهدها قبل أيام حي (محاسن) وهو أحد أحياء الأحساء، وأكثر ما تركته هذه الحادثة وبما لا يدعو للشك صورة الحمق الراسخة في عقول مرتكبيها، وبرهنتها البرهنة اليقين على عمى بصيرة هذا التنظيم، وعمى بصيرة المنتسبين إليه، فهم حتى اللحظة لم يستوعبوا ولن يستوعبوا حقيقة راسخة قدمتها لهم المدينة (الدرس) الأحساء.. بعد محاولاتهم الإرهابية السابقة، التي نفذوها في مدينة التعايش والتآلف والوطنية الراسخة، ونلقبها بالمدينة (الدرس) لقدرتها على إثبات عكس ما تصورته أعمالهم الإرهابية السابقة والساذجة، وقلبت تخطيطاتهم رأسا على عقب، فأرادوها استفزازا لأهالي هذه المدينة فازدادت استقرارا وثباتا، وأرادوها إثارة للفتنة فانبرت تعاضدا وتماسكا، وأرادوها شقا للصفوف فصارت ضما للكفوف والألوف، فأي عبقرية يمتلكها هؤلاء الضالون المُضَللون!!، وأي ذكاء يعشش في عقولهم الفارغة، وأي بصيرة ساذجة تقودهم!!.
محاولة حي (محاسن) الثانية كانت قبل أيام معدودة، وهي العملية الثالثة في سلسلة الأعمال الإرهابية التي نفذها الحمقى في الأحساء بعد حادثتي قرية (الدالوة) وحادثة حي (محاسن) الأولى، وبين الأخيرة والحادثتين السابقتين مسافة زمنية بسيطة، لكنها على اختلاف أحجامها وأوقاتها لم تترك خلفها إلا ذلك الوعي الأحسائي العميق بقيمة الصف الواحد، وبأن مثل هذه الممارسات الحاقدة لم تستهدف سوى الوطن ولحمته، ولا تريد إلا شرا به وبمن فيه، فرد الله كيد من قام عليها في نحره، فخاب الظن وخاب التخطيط وخابت الأهداف تبعا لردة الفعل المعاكسة لأهالي الأحساء، وكان من ثمارها أبانتهم عن قوة جبهتهم الداخلية وتماسك مفاصلها، وهذه الحالة التي أثبتها الأحسائيون حبا للوطن وتأكيدا لتماسكه منذ أن كانت عملية الدالوة إنما هي إثبات حقيقة تخبط هذا الفكر الضال، وعمى بصيرة دواعشه، خاصة بعد تمسكهم بحلم أهوج يتمثل في شق الصف الأحسائي واصرارهم في فعلتهم الإرهابية الثالثة والفاشلة ولله الحمد على الأحساء، وعلى حي (محاسن) بصورة خاصة، الأمر الذي يعطي للقاصي والداني سر هذا الحرص ودلالاته!
العملية تم تنفيذها في المواقف الخارجية لقوة أمن الطرق بحي (محاسن)، وهذا الحي كما هو معروف من الأحياء السكنية المتنوعة في مرجعياتها الطائفية، ويضم في أصله عددا كبيرا من موظفي شركة أرامكو السعودية وأسرهم، ومنذ المحاولة الإرهابية السابقة التي نُفذت في هذا الحي في الثامن والعشرين من يناير ٢٠١٦م لم نشهد من أبناء هذا الحي ومن الأحساء بأسرها سوى الوقفة الأخوية والصف الواحد، وتأكيد حالة التعايش وواقعية السلم الأهلي، لتصبح تجربة الأحساء مع الإرهاب، وبوصفها جزءا من هذا الوطن راسخة في ذاكرة الأجيال، من حيث إن الذاكرة لا يمكنها أن تمحو الموقف النبيل للأحسائيين شيعة وسنة بعد أن داهمهم الإرهاب الأحمق سعيا منه لشق صفهم، ولا يمكنها تجاهل ردهم فعليا على من تسول له نفسه دق إسفين الفتنة في هذه المدينة على وجه الخصوص، ومع هذا الدرس العملي من أهالي الأحساء ما زال كارهو الحياة، أو كما أطلق عليهم، المنتحرون يحاولون ويحاولون باحثين في هذه المدينة عن منفذ للفتنة أو شق الصف، عابثين بوطن نحبه ونؤمن بأنه محضن الأمن والأمان، وأن الأحساء صورة مصغرة لكل محافظاته ومناطقه وقراه.