منذ انطلاق الرؤية وحتى البارحة وأنا افكر بكلمة لاختزال توجه الرؤية دينياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وفكرت بكل شيء ممكن أن يخطر ببالي وبالكم لإيجاز المرحلة المقبلة بتحدياتها وانجازاتها (كل الكلمات عصرتها وعصرتني) حتى زارتني بالحلم أو اليقظة، مفردة (التنوع) هي المفردة الموجزة التي تختصر كل سياساتنا المقبلة (حقوق الملكية الفكرية لي). وقد تكون الثقة أحد أكبر تحدياتنا وقد طرحها الزميل عبدالرحمن الراشد في مقالة (الرؤية دعاية أم حقيقة) بوصف أحدهم للرؤية أنها «أكبر عملية دعائية وتسويقية» وتوقع بلسان حال جميع من خبروا الإدارة «أن تواجهها دعاية مضادة وجبال كثيرة وكبيرة من الصعوبات». ليعبر عن مخاوفنا من أن تكون الرؤية امتدادا لمدن اقتصادية ومدن رياضية ومدن طبية ومشاريع وقطارات وجسور قيد التنفيذ والتعثر! الرؤية التي عكفت على دراساتها وزارة التعليم لتخرج بمصفوفة بدلاً من خطط اصلاح جذري في التعليم العام والعالي وما زلنا ننتظر البشائر! والرؤية التي تحدث الكثير من المسؤولين ومديري الجامعات والمنظرين عن بدء تطبيقها قبل الاعلان عن بنودها! الرؤية التي تفاجأنا جميعاً بتطلع وحرفية مهندسها مجسداً طموحنا للقفز بالمملكة لسيادة العالم. وليكون الحراك في الأشهر القادمة على ضبطها وفق خطط خمسية ومؤشرات أداء. قد نكون جميعاً تفاجأنا بمقابلة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لسببين الأول هو شخصيته وقدرته على الرد البليغ والموجز ولربما الاستباقي في بعض الأسئلة.
والآخر هو تبنيه وايمانه المطلق بالرؤية كخطة طموحة ستقودنا لمجتمع معرفي أرجو ألا ننجح باستنساخ تجاربه السنغافورية والكورية الجنوبية ولربما الهندية وأن تكون لنا هويتنا المتفردة معرفياً.
أقول على الرغم من ضخامة التطلع وحرفية الطرح الممزوج بالايمان والحب لواقع التغيير ومواجهة التحديات، إلا أن الحملة الدعائية المضادة تحركت لاستنقاص أي جهد سعودي وطني فنحن كمجتمع لا بد أن نظل في الخيام وأن نعود للفقر والقتال بالصحراء بعد أن يمزقنا الإرهاب، أما أن نلتف على رؤية وعمل موحد فهذا تحول وطني لا ينبغي أن يكون. ولأننا تعودنا أن يكون للمدرسة النايفية ثقل في حفظ كل الحقوق والجهود السعودية جاءت تغريدة ولي العهد في صفحته الرسمية على «تويتر» لمباركة الرؤية 2030 بعبارته الموجزة «أهنئ الوطن بإطلاق #رؤية_السعودية_2030 وأدعم عضيدي وأخي ويدي اليمنى محمد بن سلمان على هذه الرؤية الطموحة، حفظ الله ملكنا، وحفظ وطننا». هذه التغريدة والمتزامنة مع بدء التخوف من واقعية الرؤية وتحديات التنفيذ قوضت عناصر الشك المعقول Reasonable Doubt ورفعت موازنة الثقة، لا لأنها صدرت من ولي عهد المملكة، لكن لأن المتحدث هو محمد بن نايف سلطان وقيصر النتائج الذي لا يزاود بالكلام ولا ينسب لنفسه أي نجاح، رغم نجاحاته في تحمل ومعالجة أصعب ملفات المنطقة والعالم لمدة 27 عاما. محمد بن نايف، الذي يرأس مجلس الشؤون السياسية والأمنية، المجلس الذي سيقود بمعونة الأمير محمد بن سلمان ويؤطر القاعدة الأمنية المتينة لنجاح كل مشاريع ورؤى المملكة. الرجل الذي خبرناه «سلطاناً للقوة والثقة»، وإن كان هناك من عاصر اداء وزارة الداخلية فقط قبل عشرين عاما وتصدرها اليوم للتحول الالكتروني وخدمة المواطنين في الشوارع وحفظ الأمن ومحاربة الإرهاب ودعم الحج وارساء مقومات الأمن فهو شاهد على مستوى وحرفية «عبقري النتائج» الذي يقارع بفكره وهدوئه ويؤسس لمدرسة النايفية في إدارة وتفكيك أصعب الملفات وأكثرها استحالة.