أيّ حلم، سواء كان حلم فرد أو جماعة يحتاج بالتأكيد إلى تطلع وإلى طموح يعمل على تحقيقه، ونقله بالتالي من عالم الخيال إلى ظهر الواقع، وأيّ طموح في هذه الدنيا يحتاج ـ لكي ينجح ويأخذ مداه ـ إلى رؤية تكون بمثابة الناظم لمفرداته وعناوينه، وأي رؤية تحتاج بالنتيجة إلى خطة وآلية عمل تكون على غرار القضبان التي تؤمن حركة القطار في حال الاندفاع دون خطر الانزلاق والخروج منها.
الملك سلمان الضليع في قراءة التاريخ السياسي والاجتماعي، والمتمكن من استشراف الآماد البعيدة باستخدام مفاتيح القراءة الواعية، يعرف أن الزمن قد تغير، وأنه قد حان الوقت لبلاده أن تتعامل مع فكر الشباب، ووعي الشباب، ولأنه بدأ فعلا مشروع بناء الدولة السعودية الرابعة، منذ أن تمكن من نقل السلطة بمنتهى السلاسة قبل عام واحد إلى الجيل الثالث، ومضى رغم كل الظروف لمعالجة الأوضاع المحتقنة في جوار بلاده، فقد بادر في نفس الوقت إلى الإعداد لدولة الشباب، وتجديد شباب الدولة، واختار لهذه المهمة الشباب الأكثر شجاعة، والأجدر كفاءة، والأقدر على وضع الرؤى الخلاقة التي تتجاوز النمطية والتقليد واستيراد أفكار الآخرين، إلى استيلاد الرؤى التي تنبع من رحم الأمة، ومن ظروفها وواقعها، والتي تعتمد على استنهاض نقاط القوة والبناء عليها، وهي المضامين التي واجهها الناس مباشرة في ذلك الشاب قليل الكلام، المبتسم للجميع، القادر على إيصال أفكاره بأقل المفردات وأكثرها جرأة ووضوحا، وهو ما أدركه الشعب السعودي في شخصية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز مهندس رؤية السعودية 2030، الشاب الذي يفضل أن يشمر عن ساعديه وأن يتخلص من البروتوكولات الرسمية ليلتقي مواطنيه كما أي واحد منهم، ويحاورهم بمنتهى الأريحية، بحيث لا تبقى هنالك بينه وبينهم أي نقطة غائمة، لأنه ابن شمس الشفافية، وتلميذ مدرسة سلمان في الانضباط ووضوح الغاية والهدف، حيث قدم سموه الرؤية التي اعترف الجميع من المهتمين بالشأن العام كل من زاويته بأنها مثلت بشكل أو بآخر تطلعاته وآماله التي طالما اعتقد أنها ضرب من اليوتوبيا؛ لماذا حدث هذا التوافق؟ لأن محمد بن سلمان ذهب مباشرة إلى تصحيح الجسد التنموي ككتلة واحدة، ولم يكتف فقط بالمسكنات أو العمليات القيصرية، ثم لأنه بنى كل هذه الرؤية على نقاط القوة في بلاده، ليضرب كل احتمالات المنافسة، فمن يستطيع أن ينافسنا في محوريتنا في العالم العربي والإسلامي؟ ومن سينافسنا في موقعنا الاستراتيجي؟ ومن سينافسنا في قدراتنا الاقتصادية الذاتية، لهذا وجد الكثيرون أن رؤية السعودية 2030، أصبحت بمثابة ترسية تلك الأحلام التي كانت تطوف بمخيلات المخلصين الحالمين بوطن يستثمر في عقول وقدرات أبنائه، أكثر مما يستثمر في خاماته الطبيعية، على متعهد الطموح الحقيقي، وهو (الرؤية) الموضوعية والواضحة والشفافة، التي تنطلق من قرار مكين، وتتعامل مع المستقبل الذي تريده وكأنها تراه رأي العين.