صديقي القديم الرجل الحجازي الطيب أبو مياسم لا أنسى أمثاله التي غالبا ما تأتي لتداوي الجرح كما يقولون. بالأمس تذكرت أحد أمثاله الجميلة المعبرة وذات الدلالة والمغزى، عندما أعلنت المملكة العربية السعودية رؤيتها لنفسها خلال العقد القادم وما تسعى إلى ان تكون عليه. مثل صديقي يقول: «مطر السماء له في الأرض محب، وكاره» و خارطة الطريق إلى المستقبل في هذه البلاد ينطبق عليها المثل. هناك من حاول التقليل من أهميتها، والتشكيك في مصداقيتها، ولكن جاء الرد حاسما في العرض الصحفي الذي قدمه سمو ولي ولي العهد لوسائل الإعلام. الخطة بين أيدينا والعزم في قلوبنا، والتوفيق بيد الله. هذه ثلاثية الصدق مع النفس والعمل في رأيي. وفي النهاية تبقى الأمور بيد المولى سبحانه وتعالى.
«الرؤية» حصدت تأييدا ومباركة دولية في المقام الأول لا يجب إغفالها، ولا أود لكثرتها أن اعدد الشخصيات السياسية والدولية، والدول التي هنأت وباركت للمملكة مسيرة المستقبل.
وفي الداخل كانت هناك اشادة وتوجيه ودعاء كريم من قيادة هذه البلاد حفظها الله لهذا التوجه الذي رُبط فيه أمل الناس وتطلعهم بغد أكثر اشراقاً وواعدية. ثم جاءت اشادة سمو ولي العهد حفظه الله لبنة أخرى اضافت رصيدا معنويا وماديا قويا لبناء المستقبل في المملكة. وبقي شعور وطموح وتطلع الناس، السعوديين والسعوديات، وهذا ماعكست سيوله الجارفة وتدفقاته وسائل التواصل الاجتماعي التي غدت ساحات مفتوحة لآمال السعوديين وتطلعاتهم للمستقبل.
الأصدقاء والمعارف والزملاء في الوطن العربي من صحفيين وكتاب ومثقفين بادروا بطريقة لافتة إلى التهنئة بشكل يجعل المراقب يفكر بعمق أن بلادنا ولله الحمد هي محط أنظار الجميع، وهي تمثل شيئا في وجدان الناس وتطلعهم للغد حتى وان كانوا من الاشقاء في الخليج والعالم العربي. وانتهز الفرصة هنا لأشكر كل من بارك لي كسعودي بالرؤية. ولعل من كتب لي من الاشقاء العرب ركز على جانب من جوانب هذا العمل الكبير أو نظر إليه من زاويته واهتمامه. فهناك من ركز في حديثه على البعد التراثي في الرؤية ووصفه بالعمق. وأكد ان تلمس المملكة بنظامها السياسي الاجتماعي لهذا البعد ومحاولة اعادته للناس، العرب والمسلمين والعالم يعد شجاعة سعودية غير مسبوقة تعني ان تقوم بلادنا بالأخذ على عاتقها انشاء متحف إسلامي ضخم يقرب الحضارة الإسلامية من البشر في عالمنا المعاصر. وهذا ينطوي تحته كثير من الابعاد الثقافية والترفيهية والفكرية. وفي مجال آخر اقر البعض بان هذه الخطوات الجبارة ومع تبلورها في أرض الواقع ومع تلمس ثمارها ستكون عونا ودافعا محفزا للاستقراء والتنمية والرخاء في المحيط الخليجي والعربي. ولا يمكن اتجاوز الرأي الذي ذهب إلى ان خارطة الطريق هذه التي تعتمد الحراك الاقتصادي المباشر تحمل في طياتها مستويات موازية من الحراك الاجتماعي، والاداري، والثقافي.
«الرؤية» فيها جانب واسع من التفاؤل، والطموح، استشعره الناس ببساطة وبدون اقحام أو تهويل، وربما يعود ذلك لأن الناس شعروا بانهم جزء من صناعة المستقبل، وانهم على مسافة واحدة من صانع القرار الذي وضع الجميع في عربة واحدة تنطلق بالجميع بنفس السرعة وإلى نفس نقطة النهاية، الناس تفاعلت بايجابية لأنها رأت نفسها مشاركة في صناعة مستقبلها، ولان الكثيرين أصبحوا أكثر اطمئنانا على مستقبل بلادهم واطفالهم. الناس ببساطة تلمست وبعفوية صورة مكبرة لمستقبل بلادهم واحتياجاته الحقيقية.
المرأة في «الرؤية» لم تكن عنصر اشكال، كما هي حقيقة الحال في صناعة القرار السياسي والاجتماعي السعودي، ومع ذلك تظل محطة تساؤل لدى جهات كثيرة يهمها توجه الحراك السعودي العام. المرأة موجودة في خطة التحرك إلى المستقبل وبشكل محوري وبدور فاعل في التنمية والتغيير وهذا يعكس واقعا وضرورة اجتماعية واقتصادية.
الناس اقتربوا من «الرؤية» وتعرفوا عليها في الخامس والعشرين من شهر أبريل، وفي تقديري أن هذا التاريخ سيبقى تاريخا خاصا بين السعوديات والسعوديين وبين القيادة، وصناعة القرار في المملكة. لان الاطراف كلها ساهمت في التفكير في الوطن قبل التفكير في أي شيء آخر. التخطيط، والعزيمة في التنفيذ، والاستعانة بعد الله بجهود الشباب أبناء هذه البلاد هي المحركات الحقيقية في الرؤية السعودية للمستقبل التي حدث بها الأمير محمد بن سلمان الناس بدون حواجز، واستوعبوها من سموه بسلاسة. مرحلة ما بعد النفط والاعتماد عليه هي محطة اليوم في طور التفكير والتحفز، وفي الغد يتأمل الناس ان تصبح واقعا جميلا لهم.
اذكر انني كتبت في هذه المساحة قبل مدة حول وطننا وإنساننا وقيادتنا وتطلعها للمستقبل مقال «أحلام محمد بن سلمان» ثم مقال «قطار محمد بن سلمان» واليوم ها نحن نستعد للانطلاق مع هذا الرجل الواعد إلى مستقبل أكثر ازدهاراً بإذن الله عبر رؤيتنا السعودية.