وصلني الجمعة عصراً اتصال للاستفسار عن توقعات الرؤية الوطنية، الاتصال الذي أظنه ورد لعدد من الخبراء والمختصين والمفكرين والكتاب وذوي الهمم والبسطاء المحبين للوطن أمثالي. كيف من الممكن أن تكون السعودية 2030م!
أظننا قصرنا كثيراً في تعزيز سماوية الدين الاسلامي وأنه خاتم الاديان وأننا عمدنا للانطواء والاعتزال على أنفسنا خوفاً من الآخر الذي نرقبه بشك وخوف. قد أخالف الرؤية الجديدة لو نزعت للمحافظة على هويتنا الدينية في دعمها للتسامح والتعايش ولم تعزز ثقافة الاحتواء والتنوع لجميع الاديان بدءا باليهودية والنصرانية وشتى المذاهب الاسلامية والاطياف الدينية والانسانية. نحن بحاجة لمقاومة من يجهلنا ولتمييزنا مستقبلاً عن أي تصنيف لنا بأننا مصدرو داعش والقاعدة (دعاة الحروب والدمار)، ولن يكون هذا باعادة السيناريو المكرر والممل ولكن بتجديد كامل لرؤية اسلامية تقاوم كل انواع التمييز والعنصرية والقتل وقادرة على احتواء التنوع العقائدي الى أن يبعث الله المسيح عيسى بن مريم. هل انادي للتطبيع مع اليهود سؤال هام؟ بالطبع لا، فهم ليسوا أولياء لنا، لكن ادعوكم للاطلاع على تعامل خير البشر صلى الله عليه وسلم مع المسالمين والمعاهدين من اليهود والنصارى مرشداً لنا في تجديد رؤيتنا، وليكن ذوو التخصص العلمي والشرعي هم الأقدر على صياغة جانب الاحتواء والتنوع والتسامي وليس التسامح.
في الرؤية الجديدة امور مفروغ منها كإعلان رؤية المملكة لما بعد النفط، وبدء تحويل أرامكو لشركة للطاقة والصناعة، واطلاق الصندوق السيادي للاستثمار ودعم الخصخصة وهي كلها جيدة، وستستند على تطوير خطط الدولة السابقة واذكر الخطة الجيدة للتحول المعرفي وخطة التنمية العاشرة وهي رؤى على الورق لكننا بحاجة إلى خطط خمسية للقياس ولتحويل إستراتيجياتنا لواقع. ما زلنا حتى اللحظة ننتظر استراتيجية الاستثمار المحلي والأجنبي لاستيعاب رؤوس الأموال التي تنتظر مثلنا اطلاق رؤية التحول الوطني. نحن بحاجة أيضاً لحماية مواردنا المائية غير المتجددة، ودعم معالجة المياه لاغراض الزراعة، وبحث سبل استدامة البيئة فبدونها لن نستطيع ابتلاع نفطنا أو إطعامه لأبنائنا. نحن أيضاً بحاجة لاستراتيجية وطنية للانماء الاجتماعي فكل خططنا تركز على توثيق أواصر الاسرة السعودية التي تحتاج للاستقرار المادي والاجتماعي والحماية من الفقر والعنف والايذاء الجسدي لتكون لها أواصر توثق! لا بد من العناية بالطفولة وتوجيهها منذ سن مبكرة بدلاً عن الخطط العلاجية للشباب والأسر.
تنويع أنماط التعليم العام والجامعي مطلب هام وليكن الاعتداد بانماط التعليم الذاتي لا سيما مع تأخر تمدد المدارس للهجر والقرى، وقد يكون التعلم عن بعد والتعلم الالكتروني بدائل غير مكلفة ايضاً لدعم استدامة التعليم المستمر لمن تجاوز السن النظامي. القبول الجامعي واستحداث انماط جديدة كالقبول المشروط والقبول الممنوح والقبول المنتهي بالتوظيف والقبول لرواد الاعمال الخ. لا بد أن تعي وزارة التعليم دورها الجذري في دعم خطط الدولة ومعالجة الخلل بضرورة معالجة البطالة، وانخفاض إنتاجية القوى العاملة وحصر أحد جوانب الضعف بإقبال الشباب على التخصصات النظرية التي تشبع بها سوق العمل، وضرورة زيادة العرض من القوى العاملة المعرفية بدعم مشاركة المرأة لتصل لـ30% بحلول عام 1452هـ.، ودورها الثاني في معالجة كسل وضعف البحث العلمي وادراج ربطه باحتياج الدولة واحتسابه ضمن الترقيات العلمية دون تهميشه كخدمة مجتمعية تجاوزت المساحة المتاحة للتفكير والتعبير ودعواتنا واحدة برؤية وطنية عبقرية وفريدة لقيادة شابة وفذة.