كنت أيام الصغر ولمرات عديدة من المحظوظين الذين يتم أخذهم إلى مكاتب أرامكو السعودية بالظهران بمعية أبناء عمومتي ممن كانوا يعملون بهذه الشركة العملاقة، وذلك أثناء زيارة ليوم واحد لمدينة الظهران نقضيه في مراكز الترفيه في منشآتها سواء أكان ذلك في المكتبة أو الكافتريا.
وبعد ذلك يأخذوننا إلى المكان المفضل لدى كل طفل، وهو مشاهدة فيلم سينمائي في حي المنيرة. وقد كانت كل المنشآت التي نذهب لها سواء في الزيارات الخاصة أو الرحلات المدرسية التي تنظمها ارامكو نلاحظ كبر حجم المنشآت وضخامتها مقارنة بما كنا نراه من منشآت خاصة أو حكومية في المنطقة الشرقية.
وليس هذا الأمر قاصرا على منشآتها، بل كان ذلك يشمل حتى السيارات التابعة لها مثل سيارات ما يعرف باسم كناور (جمع كنور وهو الاسم المحلي المعدل لماركة كينوورث) والتي كانت بمثابة آلة ضخمة متحركة. ولكن ومع ذلك كنا نلاحظ العكس تماما عندما ندخل مكاتب ارامكو والتي تعتبر إلى يومنا هذا الأصغر في المملكة. وكنا بالكاد نرى غير طاولة مكتب وكرسي وطاولة أخرى صغيرة ولا يتسع المكتب لأكثر من الموظف وزائر واحد فقط. وحجم المكاتب يشمل حتى كبار الموظفين التنفيذيين والتي لا تتعدى أمتارا قليلة.
ولكن وفي نهاية المطاف الكل يعرف ما هو دور وإنتاجية مكاتب ارامكو السعودية ذات مساحة المترين ونصف المتر. ولكن هناك نقطة مهمة عن دور مكاتب ارامكو الصغيرة في المساحة والتي يقع فيها قسم العلاقات العامة بارامكو وهو أنها في رأيي الخاص قد أصبحت ودون تخطيط مسبق أهم مركز علاقات عامة عكس الدور الريادي ليس للشركة فقط، بل ودور المملكة العربية السعودية عبر تنوير الكثير في الداخل وحول العالم عن دور المملكة ومكانتها السياسية والاقتصادية وتسليط الضوء على التطور المدني والاجتماعي في المملكة.
وحدث ذلك منذ تأسيس الشركة عبر مطبوعاتها الثقافية والإعلامية وتنظيم الزيارات لمنشآتها النفطية وتلفزيونها الذي كان جزءا من الوسائل التثقيفية. والهدايا البسيطة المختومة بختم ارامكو التي كانت تقوم بتوزيعها على الكثير وخاصة الطلبة الصغار. وفي فترات كثيرة رأينا كيف أصبح موظف ارامكو السابق وسواء السعودي أو الأمريكي بشكل خاص هم أدوات علاقات عامة استطاعت عبر جهود بسيطة من تنوير الكثير حول العالم عن وجهات النظر السعودية وذلك بالتعاون مع مكاتب العلاقات العامة في ارامكو السعودية.
ورأينا كيف أن الكتب التي ألفها الكثير من موظفي هذه الشركة كانت مرآة عاكسة لمراحل التطور ليس في الشركة وحسب، بل وفي المملكة مهما كان بعضها يحمل جزءا بسيطا عن أي سلبيات، ولكنها في نهاية المطاف سلطت الضوء على جمال الطبيعة في المملكة وأوضحت كرم وحسن خلق وتطور المواطن والمواطنة في المملكة. واستكمالا لهذه السطور سأتحدث لاحقا عن (مكاتب العلاقات العامة لأرامكو السعودية ومراكز الثينك تانك العالمية).