DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

أزمة الإسكان: أعطني أرضاً وارمني في البحر

أزمة الإسكان: أعطني أرضاً وارمني في البحر

أزمة الإسكان: أعطني أرضاً وارمني في البحر
أخبار متعلقة
 
القارئ في طيات الصحف والمواقع الإخبارية، يجد أن الكثير من الكتاب، الاقتصاديين منهم وغير الاقتصاديين، ما زالوا يكتبون ويكتبون، آملين في إيجاد حلٍّ لأزمة الإسكان. من أجل الابتعاد عن الخوض في مشاحناتٍ لا تنتهي ولا تسهم في تغذية النقاش بأفكار مفيدة، حري بكل كاتب أن يقوم بطرح أكبر عدد من الحلول، كي يكون فاعلاً في دعم حل هذا الملف الشائك، بدلاً من أن يكون حجر عثرة وظاهرة صوتية معارضة من أجل تهييج عواطف الجماهير. ما نواجهه الآن من تحدٍ، هو أن معدل النمو الاقتصادي خلال السنوات الماضية لا يتماشى بتاتاً مع معدل نمو الامتلاك العقاري بين المواطنين، ويرجع سبب ذلك إلى أن معدل نمو دخل الفرد خلال السنوات الماضية أقل بكثير من معدلات النمو المتزايدة لأسعار الأراضي والعقارات خلال نفس المدة. ونظراً لهذا الخلل في معدلات النمو، فإننا نجد أنه قد تم خلق جيلين منفصلين من المواطنين في المملكة. الجيل الأول، هو جيل المالكين لمنازلهم، وهم غالباً من كبار السن الذين استفادوا من دعم الدولة في ذلك الوقت بتخطيط الأحياء في فترات قياسية، وتسليم المستفيدين أراضي بأسعار زهيدة أو من خلال منح وزارة الشؤون البلدية والقروية، بل وتم تأمين تمويل البناء لهم من خلال صندوق التنمية العقارية. أما الجيل الثاني، فهو جيل المستأجرين، والذين هم من المواطنين الشباب (22–45 سنة)، والذين يمثلون ما يتجاوز 65% من إجمالي عدد المواطنين في المملكة، وهم غالباً ممن لم يستطيعوا امتلاك مسكن لهم، بسبب قلة الأراضي المطورة مقابل الخام، مما جعل المنح التي يتم تقديمها للمواطنين من خلال وزارة الشؤون البلدية، أشبه ما تكون بمنح المواطن صحراء قاحلة ليسكن بها، وهو الذي كان يحلم ببيت قريب من بيت والديه وأقاربه. ولا ننسى أيضاً أن سبب التأخر في تطوير الأراضي الخام إلى مخططات هو المضاربات والاحتكارات التي قام بها تجار الأراضي خلال فترة سقوط سوق الأسهم عام 2006، والذي جعل من الأراضي سلعة يضاربون بها ويكنزونها كمخزن لقيمة نقودهم، مما اضطر المواطن لقبول منح في أقاصي الدنيا، أملاً منه أنه يوماً ما، ستصل الخدمات لتلك الصحراء القاحلة التي يسميها «منحة أرض»، ليتمكن من البناء عليها. وإذا تجاوز المواطن معضلة قيمة الأرض، فإنه سيجد المطب الآخر، متمثلاً بأسعار مواد البناء، والتي ارتفعت مع الارتفاع الكبير في معدلات النمو الاقتصادي، مقابل دخله اليسير الذي لم يعد قادراً على مجابهة ذلك النمو المهول، مما يدخله في دوامة جديدة تتمثل في عدم قدرته على تأمين كلفة البناء مثلما فعل أبوه من قبله. بالنظر إلى أزمة الإسكان في دولة كبريطانيا، نجد أن هناك عوامل حقيقية قد أثرت سلباً في ارتفاع أسعار العقارات. ترتكز أزمة الاسكان في بريطانيا على شح المعروض، وذلك بسبب شح الأراضي في المدن الرئيسية، وتزايد الطلب بشكل جنوني على المساكن بسبب ارتفاع الطلب على الأيدي العاملة في تلك المدن، مما يعني تدفقاً متزايداً للأيدي العاملة، مع شح المعروض من الأراضي. وتتمحور أزمة الإسكان في بريطانيا على عامل آخر، وهو ارتفاع تكلفة التمويل، بشكل لا يستطيع الفرد تحمل هذه الكلفة بناءً على دخله. لأن عوامل أزمة الإسكان طبيعية، فقد سهلت على الحكومة البريطانية إيجاد حلول تحد من الآثار السلبية لهذه الأزمة، ولا تنهيها بشكل تام. من الحلول التي فرضتها الحكومة البريطانية فرض ضريبة على المساكن غير المأهولة، والتي لا يستخدمها أصحابها، مما يساعد على فك احتكار ملّاك المساكن لجانب العرض من الإسكان. ومن سياسات فك الاحتكار وتثبيط المضاربات التي تطبقها بريطانيا تجاه ملّاك المساكن، سياسة فرض الضريبة على المسكن الثاني الذي يشتريه الفرد (Tax on Second Homes)، عدا عن منزله الأول الذي يسكنه، مما يعني أن المسكن الثاني سيكون هدفه استثمارياً بحتاً. في المقابل، وبالنظر إلى أزمة الإسكان في المملكة، فإننا نجد أنها أزمة «مصطنعة» حلها بمتناول الأيدي، ألا وهو فك الاحتكار من أصحاب الأراضي مترامية الأطراف وتفعيل التمويل بشكل أكثر يسراً. يتشكل الضرر الاكبر في أزمة الإسكان على طرفين هما المواطن الطالب للمسكن، والمطور العقاري الذي اضطر لبيع وحدات عقارية بأسعار مرتفعة، لارتفاع تكلفة الأراضي، فاللوم لا يقع هنا على المطور العقاري، لكونه قد اضطر لاستخدام مدخلات مرتفعة الثمن (الاراضي)، وبيع مخرجات تصل قيمها لأرقام تفوق قدرة الكثير من المواطنين على امتلاكها، خاصة وأن سوق العقار بات مقصداً لكثير من أصحاب رؤوس الأموال، لأن الاستثمار في العقار لا يحتاج جهداً ولا إنتاجاً، ولا يتطلب كلفة سوى رأس المال، وما نتج من تزايد الدعاية للاستثمار في العقار خلال السنوات الماضية هو طفرة في الأسعار من جهة، وتوجيه رؤوس الأموال للاستثمار في قطاعٍ غير إنتاجي من جهة أخرى، يدر أرباحاً دون جهد. محتكرو الأراضي هم من تسببوا بأزمة الإسكان، فمن كان سبب الأزمة بالأمس، من الواجب أن يكون هو خصم وزارة الإسكان اليوم. يمكن لهذا الاحتكار أن يتم فكه من خلال فرض الرسوم، والتي سبق أن ذكرت في مقالات أخرى أنها ليست العصا السحرية لحل إشكالية الأراضي، بل هناك عوامل أخرى تسهم في حل هذه المعضلة الشائكة. على سبيل المثال لا الحصر، على وزارة الإسكان الضغط على الجهات ذات الاختصاص كوزارة الشؤون البلدية والقروية في إعادة تقييم اشتراطات تطوير المخططات، والعمل على فك القيود التي تصاحب تطوير الأراضي الخام، والتي تدفع جانب العرض من الأراضي إلى الازدياد بازدياد عدد قطع الأراضي المطورة، وإحالة مهمة تطوير الأراضي الخام المملوكة للدولة وتحويلها لأحياء جديدة إلى الجهات ذات العلاقة كوزارة الشؤون البلدية والقروية، ولنا في أحياء الفناتير في الجبيل، والسفارات والجزيرة في الرياض خير مثال على روعة التطوير. بالنظر إلى حيثيات أزمة الإسكان، فإننا نجد أنها من الأزمات الشائكة، والتي لا تحتاج صراخاً لحلها، بل تحتاج تكاملاً من قطاعاتٍ متعددة، للعمل على إيجاد مخرج لها، وضمان المسكن الملائم للأسر المستأجرة، والتي لا تملك مسكناً بعد (كاتب المقال أحدهم). ففك الاحتكار عن طريق فرض رسوم على الشراء للمرة الثانية، قد يكون أحد الحلول التي تكبح جماح المضاربات، بالإضافة لبرنامج الرسوم على الأراضي البيضاء، مع العزم على إشباع جانب العرض بعدد من الوحدات السكنية والأراضي الخام التي تم الحد من قيود تطويرها وأصبحت مخططات جاهزة للبيع. كل هذا سيجعل امتلاك المسكن بالحلول التمويلية الحالية أمراً في متناول اليد. محتكرو الأراضي هم السبب الرئيسي وراء أزمة الإسكان بالمملكة