كنت فيما مضى أسعى لأن أساعد من رأيته يتسوّل سواء في المسجد أو عند الإشارة المرورية، بل إني كنت أرى ذلك من تربية أبنائي على الاهتمام بالفقراء والمحتاجين، ولكني بعد التأمل وجدت أني أسير في طريق خاطئ، وكم من مريد للخير لم يصبه، وأسأل المولى القبول فيما مضى، والإعانة على توجيه أعمال الخير لمستحقيها في قادم الأيام.
ما وجدته أن دعمي -ودعم غيري- لهؤلاء المتسولين جرأهم على الاستمرار في هذا الطريق المدمر، بل إنه - وهذا هو الأخطر - جرأ من يستغلهم على الاستمرار في استغلالهم، فهم بالنسبة له مشروع استثماري يُدر أرباحاً، ونحن المساهمون الوحيدون والفاعلون في تحقيق الأرباح لهذا المجرم!
ولذلك، نرى تفنناً في أساليب جذبنا واستدرار شفقتنا، فمن امرأة تقف بطفلها الرضيع عند الإشارة في درجات حرارة عالية جداً، إلى أطفال مقطّعة أعضاؤهم يلاحقوننا بكل إصرار، إلى طرق للأبواب بنساء يتسولن بمعاناة إخواننا، اللاتي قد لا يحملن من معاناتهم إلا الجنسية فقط، أما الأشراف فقد استغلوا تسهيلات دولتنا -وفقها الله- لهم وتكسّبوا من خلال الوسائل الشريفة!
بالإضافة إلى ما سبق، فإن في دعم هؤلاء المتسولين دفعاً إلى ما هو أكبر وأخطر، فقد يكون وسيلة لخطف الأطفال واستغلالهم في هذه المشاريع، كما أن في دعمهم حرمانا للمستحقين الحقيقيين الذين تمنعهم كرامتهم أن يتسولوا كل أحد، فيذهب ما خصصناه لمن يستحق إلى من لا يستحق!
نحتاج إلى تعاون كامل؛ لإيقاف هذه الجيوش التي يتزايد المجنّدون فيها يوماً بعد يوم، ولا يخلو منها مسجد ولا سوق ولا إشارة مرورية!
بداية منا نحن! بأن نتوقف عن تشجيعهم على سلوك هذا الطريق؛ لأنه لو لم يوجد الداعم لما وجد المتسوّل، وعلينا أن نسعى لإيصال صدقاتنا لمستحقيها حتى ولو تعبنا فالأمر يستحق!
وعلى جمعياتنا الخيرية دور كبير أيضاً، أن تقوم بواجبها وألا تكبل نفسها بالأنظمة التي تحرم المستحقين، وعليها أن تصل إلى كل محتاج ولا تنتظره حتى يأتيها!
أما رجال مكافحة التسول فدورهم كبير، وغيابهم مخيف، ولذلك نتمنى أن يكثّفوا تواجدهم لكيلا تتحمل القطاعات الأخرى في الدولة جريرة هذا التساهل!
ساهم في حماية بلدك ولا تكن عوناً لعدوك عليه!