كثير من العرب ينظرون للديمقراطية على أنها شيء جميل ورائع وهي نظرة حقيقية نوعا ما، ولكن بعض التجارب الديمقراطية في العديد من بلدان العالم كانت سببا في أن تتغير تلك النظرة الجميلة لأسباب عديدة، من أهمها الممارسون لتلك الديمقراطية واستغلالها الاستغلال السيئ من اجل اهداف ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
لقد استوردنا الديمقراطية للمنطقة العربية عن طريق بعض الاشخاص اوهمونا انها خيار الشعوب المتحضرة، وللأسف ان هناك من صدقهم لأنهم من خلالها يريدون الوصول للسلطة، وهي نفس فكرة استيراد سيارة جديدة، ولكنها بعد فترة الاستعمال بدأت الخرابات تظهر بها، وبدأنا استبدال قطع غيارها بقطع أقل جودة؛ لأن مستوردها كان يستعملها استعمالا سيئا.
لا أنكر وجود محاسن لتلك الديمقراطية، ولكن محاسنها تشبه مقولة شعبية تقال لمن لبس ثوبا أو بدلة وأعجب الناس بها فقال له احدهم: "الرّك على الحشوة"، فالأهم من المنظر العام هو المكنون الداخلي أو كما قال الفنان الكويتي عبدالحسين عبدالرضا معاتبا أمه في أوبريت بعد الزواج "والله ما قصرتي يا يمه فحصتيلي امينة.. البدي كله تفحصينه وتخلين المكينة".
ولنأخذ تجربة الديمقراطية الكويتية كنموذج اعرفه كما اعرف راحة يدي، فقد أسس الديمقراطية رجال نظن بهم خيرا مع "أن بعض الظن إثم احيانا" بأنهم يريدون مصلحة البلاد والعباد من خلال الرقابة والتشريع للمصلحة العامة وتطورت ديمقراطيتنا مع تقدم السنين حتى وصلنا الى تاريخ هذا اليوم الذي سأذكر لكم بعض نتائجه.
بحجة الديمقراطية دخل البعض منهم الى مجلس الأمة الكويتي وهو موظف عادي جدا، والآن هو يملك مجمعات تجارية وسكنية ليس لها حصر، بل إن بعضم اصبحوا من أهم تجار العقار في الكويت، وشرعوا قوانين في فترة من فترات الزمن من اجل مصالحهم ومصالح مقربين منهم بتعاون مع بعض من كانوا بالسلطة، وبحجة الديمقراطية التي يطلبها بعضكم جبل المدعو "دشتي" على شتم دول الخليج في كل مناسبة تنفيذا لأوامر خارجية من قبل انظمة لا تتمنى الاستقرار لدول المنطقة، بل إنه قام بإحراج الكويت مع دول مجلس التعاون في الخليج العربي.
لقد فعلت بنا الديمقراطية من تفريق ما لم يستطع أحد فعله، فقد رسخت في كثير منا الطائفية البغيضة وأحيت القبلية ودعوى الجاهلية التي نهانا عنها رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، واستفاد منها الفئويون الذين ما زالوا يفكرون بعقلية "ولد فريجنا"، والأهم من كل هذا أن الخاسر الأكبر هو الوطن الذي لولاه لما كان لنا وجود في هذا الكون.
أجزم أن هناك كثيرا من أهل الخليج العربي يتمنون أن تكون لديهم ديمقراطية الكويت، ولكل من يتمناها أن ينظر لتجربتنا التي نعيشها حاليا، فإن كان ما زال يريدها فثقوا أنكم امام شخص إما أن يكون "خبلا" أو أنه لص ويريد التكسب، فلستم أقل منا طائفية ولا قبلية أو فئوية فلديكم عشرات الألوف منهم وأهل مكة أدرى بشعابها.
أدام الله من اتعظ من تجربة الآخرين ولا دام أي لص يريد السرقة بحجة سكراب الديمقراطية.