شاهدت الفيلم الوثائقي (حكاية حسن)، ثم عدت وشاهدته مرة أخرى بحثاً عما رآه كثير من الذين علقوا على الفيلم في مواقع التواصل الاجتماعي ومن بينهم كثير من الكتاب المبرزين الذين راح بعضهم يصب جام غضبه على القناة، وراح غيرهم يسخرون من القناة ومن كل من ينتمي إليها أو يتبنى مواقفها. ولم أعرف حتى اليوم لماذا حدث ذلك الهياج ضد الفيلم الذي اتفق عليه كثير من مشاهديه، وسبب عدم فهمي هو أن الفيلم عبارة عن تجميع لمقاطع فيديو مسجلة وموجودة في أجهزة الجميع ويستطيعون الوصول إليها بسهولة تامة، بل إننا شاهدناه من قبل، ومنها مقاطع كان يروجها المواطن السعودي كما يفعل المواطن اللبناني وغيره من أبناء الوطن العربي في زمن مضى، حين كانت أكاذيب حسن تلقى ترحيباً وحماساً وهو يدعي أنه سيحارب اسرائيل ويستعيد القدس ويداعب خيال الناس بكذبة تلو أخرى تنسيهم نيته المبيتة وخطواته التي كان مستمراً فيها متجهاً نحو هدفه وهدف أسياده الإيرانيين وهو تحويل لبنان إلى جزء من الجمهورية الإيرانيه، وهذا المقطع المسجل كان أيضاً ضمن الفيلم إياه، ولكن يبدو أن كثيراً ممن شاهدوا الفيلم كانوا بحاجة إلى أسلوب مباشر يقول (حسن نصر الله كخه)!! وأحسب أن كل ما أريد من ذلك الفيلم هو تجميع النقاط الحقيقية ضد ذلك الرجل والتي جاءت بلسانه في بعض المقاطع وبلسان أعوانه والمصفقين له في مقاطع أخرى لتكون إشارة واضحة للبنانيين أولاً ولبقية العرب ثانياً، إشارة تقول لهم: بيد هذا العميل تختنق لبنان، وبسبب هذا العميل تغيرت المواقف العربية تجاهها وعلى رأسها موقف المملكة العربية السعودية التي أوقفت مساعداتها عن لبنان.. السعودية وهي التي طالما مدت يد العون السياسي والاقتصادي للبنان وأخرجتها من محن كثيرة وساهمت في إعمارها وإعادة نبض الحياة إليها بعد حربها الداخلية المقيتة، ورغم ذلك كانت هي المتضررة الأولى من ذلك التلميذ الإيراني الأحمق ومن أسياده الذين صنعوه وأعانوه على صنع أعوانه الذين نشرهم في العالم العربي كالسوس الذي ينخر في الجسد العربي من أجل عيون إيران وحلم عودة الامبراطورية الفارسية.
هكذا رأيت الفيلم يقول فيما بين مقطع تسجيلي وآخر: إن لبنان ما عادت للبنانيين طالما بقي فيها هذا الرجل الشيطان يتلاعب بسياسييها ويحرم أهلها من حقهم في العيش في بلادهم دون وصاية من أحد، حياة نظيفة من (الزبالة) البشرية والمادية، فكيف للسعودية أو غيرها من دول الخليج أن تستمر في تقديم المساعدات لدولة تحكمها دويلة داخلية تقتات على خراب الدول بل على خراب الحياة لكل انسان في كل الدول التي لحقها الضرر منها بمقاييس مختلفة ما بين تدريب وتجنيد وجمع أموال وقتل وتدبير لمؤامرات لم تنقطع ثم يأتي ذلك الحزب الشيطاني ليستنكر تصنيفه كحزب ارهابي! وتبعتها تهمة أسياده- الذين لم يتوقف يوماً عن تقبيل أيديهم- في إيران لدول الخليج فهم يرون أن قرار دول مجلس التعاون الخليجي يعرض استقرار لبنان للخطر!! آلآن فقط يتعرض استقرار لبنان للخطر! وهل تهتم ايران أو موظفوها في الحزب باستقرار لبنان وأحوال لبنان بمن فيها تزداد سوءاً يوما بعد آخر منذ أعوام وأعوام. الآن يتزعزع استقرار الإنسان في لبنان وهو بالكاد يعيش ليقاوم ضعف أركان دولته، وضياع هيبتها واهتزاز مواقفها وعدم قدرتها على توحيد كلمتها حتى في اختيار رئيس لها خوفاً من سطوة الحزب الإيراني فيها وخوفاً من أن يطل شبح الحرب الداخلية برأسه من جديد وهم الذين ذاقوا مرارتها سنوات طويلة وحين عادت وبدأت تزهر نماء وفرحاً اغتالوها من جديد لتتحول وكأنها سجن يعيش فيه اللبنانيون وحدهم ولا يستطيعون استقبال السياح الذين تنتعش بهم حياة بائع الخضار وسائق التاكسي وصانع الكنافة وتزهر الشوارع فرحاً بهم ومنهم، فمن الذي عرض استقرار لبنان للخطر؟ وهل الاستقرار هو ألا تقوم الحرب فقط؟! أم أن الاستقرار يعني أن تبني وتعمر الأرواح قبل الأبنية، وهل الاستقرار يعني أن تتضخم مخازن الأسلحة لمحاربة الآخرين ولا تتضخم مخازن أدوات العلم والبناء والعمل وصناعة الحياة؟ وهل توحي تلك الحواجز الأمنية في كل مكان إلى استقرارها أم إلى الرغبة في تقسيمها بيد رجال الحزب الذين يتجولون فيها ممنطقين بسلاحهم وهم يعلنون عن هيبة أجرمت وما زالت تفعل بحق الأرض والإنسان. إن استقرار حياة الإنسان في لبنان ينهار تدريجياً منذ سنوات وهم يدفعون ثمن حماقات حزب الله منذ أن أعلنها صراحة الفتى حسن في مستهل حياته السياسية قائلاً: (بالنسبة لنا ألخص في الوقت الحاضر ليس لدينا مشروع نظام في لبنان، نحن نعتقد بأن علينا أن نزيح الحالة الاستعمارية والإسرائيلية وحينئذ يمكن أن ينفذ مشروع، ومشروعنا الذي لا خيار لنا أن نتبنى غيره كوننا مؤمنين عقائديين هو مشروع دولة إسلامية وحكم الإسلام وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية واحدة وإنما جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه في الحق الولي الفقيه الإمام الخميني).. خبت وخاب مسعاك فقد كذبت في النصف الأول من قولك وخدعت به كثيرا من الناس وصدقت في الثاني وشوهت لبنان ومددت يد الجرم في البحرين واليمن وسوريا والكويت والسعودية التي حسمت الأمر وقالت إلى هنا وكفى وهذا ملخص ما قاله الفيلم.
لقد كان ذلك الفيلم الوثائقي هو حفر معروض في تاريخ ذلك الأفاق فكل المقاطع التسجيلية تعلن صراحة لماذا صار هذا الحزب وبالاً على لبنان أولاً وعلى العرب ثانياً، ولماذا تحتمل لبنان نتائج صمتها عنه واستباحته لحق لبنان وأهلها فيها بعيداً عن ولاية الفقيه التي يسعى إليها، وأخيراً الفيلم يجيب عن سؤال ربما كان خطأ القناة لم تضعه في مقدمة فيلمها لماذا اتخذت السعودية أولاً ودول الخليج ثانياً ما اتخذته من قرارات؟.