الصفقات العقارية للسعوديين في تركيا تجاوزت ٧ مليارات ريال حتى نهاية ٢٠١٥م. وهذا ليس كلامي أنا، بل تصريحا متناقلا في وسائل الإعلام الدولية للقنصل العام في جدة السيد فكرت أوزر. وأرى أن هذا الكلام عقلاني جدا، فهناك تسهيلات واضحة لشراء العقارات هناك، ولا تزال الأسعار في نطاق المغري مقارنة بجحيم الأسعار الذي نعيشه مع سوق أو حراج العقارات الدائر داخلياً. وكمثال، فإن فيلا شاطئية صغيرة محاطة بالغابات والطبيعة الآسرة لا يتجاوز ثمنها في كثير من الأحيان ٣٠٠ ألف ريال. في المقابل، لا منازل شاطئية لدينا، بعدما تعالت أسوار مالكي الشواطئ المجهولين وحجبت عن الناس فرصتهم في رؤية الأمواج وأجبرتهم على الاكتفاء بالاستماع وتخيل شكل الموجة عن بعد! وإن وجد، فالمنزل الشاطئي لا يقل ثمنه بأي حال من الأحوال عن حفنة ملايين من الريالات حتى لو كان عبارة عن شاليه بالكاد يكفي كنبة وركنا للشاي والقهوة، هذا إن تجاوزنا درجة الحرارة اللاهبة والرطوبة الخانقة خلال صيفنا. وهذا النهج التركي هو التأويل الحرفي لمعنى جذب رأس المال الأجنبي للداخل. في المقابل، نعيش اليوم ركوداً عقاريا كبيرا بسبب امتناع الآلاف عن شراء منازل في وطنهم، وسنلمس قريبا الأثر الاقتصادي السلبي لهذه الحالة.
سألت نفسي وأنا أحاول إيجاد تفسير: هل سيشتري المواطن بيتاً شاطئيا على سواحلنا حتى لو حدثت معجزة ووجد واحداً بقيمة الموجود في تركيا؟ الإجابة طبعاً لا! وفي الحقيقة علينا أولا أن نتعرف أكثر على أصحاب هذا التوجه المتنامي بتملك العقارات خارج الوطن، فهم غالباً يريدون حقيبة كاملة من المزايا تشمل مثلا لا حصراً: الطقس الجاذب والطبيعة الجميلة، المرافق، الترفيه، التعليم الجيد وتوفر وسائل النقل.
في ذات الصدد، مجلس الشورى يوصي بدراسة سبب هجرة مليون سعودي واستقرارهم خارج المملكة. وما لم يتطرق له أحد حتى الآن هو سبب تنامي ظاهرة تملك منازل خارج الوطن واختيار العيش فيها بعد حصول المواطن السعودي على تقاعد مبكر. هذا يؤكد أن هناك جملة أسباب غير الإخفاق في تملك عقار في الداخل بسبب الأسعار، والمسألة أبعد بكثير من تأويلات سطحية لا تمس جذور الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة، خصوصاً أن الحديث عن مواطنين وليس عن مستثمرين.