DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

جانب من الحملة الدعائية للانتخابات الإيرانية

الانتخابات الإيرانية.. الصراع على أشده بين الإصلاحيين و«الدولة العميقة»

جانب من الحملة الدعائية للانتخابات الإيرانية
جانب من الحملة الدعائية للانتخابات الإيرانية
أخبار متعلقة
 
أعلن مجلس أوصياء الدستور مؤخرًا، الذي يوافق على جميع المرشحين للمؤسسات السياسية الإيرانية، قائمة بالمتنافسين الذين أجاز ترشحهم لانتخابات مجلس الخبراء التي تجرى، اليوم الجمعة. ويعد مجلس الخبراء الإيراني في حد ذاته مؤسسة مؤثرة، نظرًا لأنه المسؤول عن اختيار المرشد الأعلى والإشراف عليه وعزله إذا لزم الأمر. وافق مجلس الأوصياء على ترشح 161 متنافسا فقط من قائمة طويلة تضم 794، وهو ما ثبّط الآمال التي انعقدت على الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران في الصيف الماضي، بحيث يؤدي إلى نظام أكثر اعتدالًا يمكنه إعادة الانخراط في المجتمع الدولي. إن اختيار 161 مرشحًا لـ81 مقعدًا يعني 1.8 مرشح فقط لكل مقعد؛ أي سيكون هناك مرشح مؤهل واحد فقط لبعض المقاعد. وبالنظر إلى سن المرشد الأعلى علي خامنئي وصحته، فمن المرجح أن يكون مجلس الخبراء الحالي، الذي يخدم أعضاؤه لفترة ثماني سنوات، هو المسؤول عن اختيار المرشد الأعلى القادم. بعد الانتخابات الرئاسية المزورة عام 2009، قامت "الدولة العميقة" في إيران، وهي شبكات سريّة وشبه سريّة للمتشددين في الأمن والاستخبارات وجهاز القضاء الذي من المفترض أن يدعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، بحظر المنظمتيْن السياسيتيْن الرئيسيتين للإصلاحيين، وهما "جبهة المشاركة الإسلامية" و"منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية". منذ ذلك الحين، اعتزم الإصلاحيون العودة إلى الحياة السياسية. وأدى قبول المجالس التنفيذية للغالبية العظمى من المرشحين إلى غضب الدولة العميقة في إيران بشدة. ويدرك خامنئي والدولة العميقة أن الإصلاحيين يمكنهم الفوز بسهولة بأغلبية ساحقة في أي انتخابات تنافسية حقيقية. لم تترك ثماني سنوات من رئاسة واحدة محمود أحمدي نجاد أي مصداقية للمتشددين؛ حيث كانت من أحلك الفترات في تاريخ إيران المعاصر وتفشى خلالها الفساد وسوء إدارة الاقتصاد والتضخم والبطالة. وقصمت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أمريكا على إيران ظهر الاقتصاد الإيراني. وبالتالي، لن يفوز أي من مرشحي الدولة العميقة بأي انتخابات تنافسية ونزيهة. ويبدو أن الدولة العميقة ستخسر الكثير، سياسيًا واقتصاديًا، من أي تخفيف للحكم القمعي للمتشددين، وعلى وجه الخصوص إجراء انتخابات تنافسية. الدولة العميقة لكل تلك الأسباب، تعمل الدولة العميقة الآن بنشاط. فأعلن محمد حسين نجات، نائب رئيس الحرس الثوري الإيراني للشؤون الثقافية والاجتماعية في 14 يناير، أن المجالس التنفيذية يجب أن تستبعد عددًا كبيرًا من المرشحين، ولأنها لم تفعل ذلك، "يجب على مجلس صيانة الدستور القيام بهذه المهمة." وحذر ضباط آخرون من الحرس الثوري من السماح لمرشحي "الفتنة"؛ وهو اللقب الذي يستخدمه المتشددون للإشارة إلى "الحركة الخضراء" المعارضة التي تدير الانتخابات. وفُسرت هذه التحذيرات على نطاق واسع كرسالة من الدولة العميقة إلى مجلس صيانة الدستور لاستبعاد المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين من خوض الانتخابات. حتى نجاة الله إبراهيميان، المتحدث باسم المجلس، انتقد مثل هذا العدد الكبير من المرشحين المستبعدين، وانتقد بشدة أحمد جنّتي، رجل الدين المتطرف المتشدد والأمين العام لمجلس صيانة الدستور. لم يقم مجلس صيانة الدستور بتعيين رؤسائه، وإنما الدولة العميقة. في التقرير الأولي للمجلس منذ نحو ثلاثة أسابيع، أعلن قبول 42 % فقط من المرشحين. وتم إجازة 1% فقط، أي 30 مرشحا من أصل 3000 مرشح إصلاحي. وتم رفض عدد كبير من المحافظين المعتدلين أيضاً. من ناحية أخرى، قبل مجلس صيانة الدستور جميع المرشحين المتشددين الذين يمثلون في حقيقة الأمر الوجه العام للدولة العميقة. وبعد الكثير من النقاش واحتجاجات من قِبَل روحاني وكل طبقة من طبقات المجتمع وغضب الرأي العام والدعوات لمقاطعة الانتخابات، رضخ مجلس صيانة الدستور إلى حد ما وقبل 55 % من المرشحين. لكن، مرة أخرى، لم يُسمح لأي من كبار الإصلاحيين أو حتى مرشحي الدرجة الثانية منهم. وعلى الرغم من أن منطقة طهران الكبرى تنتخب 30 نائبًا لمجلس الشورى فقط، تتسم الانتخابات في تلك الدائرة دائمًا بوزن ودلالات رمزية أكبر، لأن طهران هي القلب السياسي والاقتصادي للدولة. وقد شكّلت الفصائل المختلفة للمتشددين المرتبطين بالدولة العميقة ائتلافًا وأعلنوا للتو قائمة مشتركة بمرشحيهم في طهران. ينتمي ما يقرب من نصفهم إلى "جبهة بايدادي" [جبهة صامدون]؛ وهي فصيل فائق التشدد من ضباط الحرس الثوري الإيراني المتقاعد والأعضاء السابقين في ميليشيا الباسيج وأتباع رجل الدين المتشدد الرجعي محمد تقي مصباح يزدي. وتشير التقارير الواردة من طهران أن الإصلاحيين يسعون أيضا إلى وضع قائمة بمرشحيهم لمنطقة طهران الكبرى، وأعلنوا عن تشكيل ائتلاف مع أنصار معتدلين للرئيس روحاني في العديد من المناطق في مختلف أنحاء البلاد. خليفة خامنئي تعتبر انتخابات مجلس الخبراء أكثر أهمية من مجلس الشورى نوعًا ما. ويرجع السبب إلى صحة خامنئي ومن يخلفه. وبرغم انتشار شائعات منذ سنوات بأن خامنئي (76 عاما) يعاني من السرطان ويمكن أن يرحل قريبًا، هناك الآن أدلة موثوقة على أنه قد يموت بالفعل في أي وقت خلال المدة المقبلة لمجلس الخبراء. وقد خضع لعملية جراحية في البروستاتا في سبتمبر 2014. وفي كلمة ألقاها أمام ضباط في الحرس الثوري في سبتمبر عام 2015، أكد خامنئي أنه قد لا يعيش لفترة أطول، قائلًا: إن أعداء إيران "ينتظرون الوقت الذي تغفل فيه الدولة والنظام، على سبيل المثال خلال 10 أعوام عندما لا أكون بينكم، ليحققوا أهدافهم"، والتي تتمثل كما يعتقد في محاولاتهم لغزو إيران وكسب النفوذ. من هنا تصاعدت مسألة خليفة خامنئي إلى حد كبير. وتحاول الدولة العميقة ضمان أن يبقى مجلس الخبراء تحت سيطرتها المحكمة عندما يحين الوقت لتحديد خليفة خامنئي. يريد خامنئي التأكد من أنه قادر على السيطرة على عملية الاختيار، وبالتالي الاستمرار في ترك بصمته على إيران حتى بعد وفاته، وذلك بحسب ما أفاد سعيد قاسمي نجاد، زميل مشارك في مركز العقوبات والتمويل غير المشروع الأمريكي التابع لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات. لم يمارس مجلس الخبراء حقه الرقابي في عزل المرشد الأعلى أو حتى الإشراف على حكمه أبدًا. ورغم أن رجال الدين من أعضاء مجلس صيانة الدستور هم الذين يقررون من الذي قد يرشح نفسه لمجلس الخبراء، فإن المرشد الأعلى هو الذي يختار بنفسه عضوية المجلس. لذا، من غير المستغرب أن يقوم مجلس صيانة الدستور بحرمان المرشحين الذين يأخذون دورهم الرقابي على محمل الجد. وتعد انتخابات هذا العام هي الأولى بعد الاتفاق النووي. وقد أعربت إدارة أوباما عن أملها في أن يتمكن الرئيس حسن روحاني ومعسكره البراغماتي من الاستفادة من انتصارهم في إبرام الاتفاق وتخفيف العقوبات. وكان محللون غربيون يأملون أن يركب روحاني وحلفاؤه الموجة نفسها للفوز بمجلس الخبراء واختيار مرشد أعلى أقل تشددًا لخلافة خامنئي. لكن بينما يُشترط اختيار المرشد الأعلى بأغلبية الثلثين بمجلس الخبراء، يسيطر المعسكر الأكثر تطرفًا حالياً على 85 من إجمالي 88 مقعدًا؛ أي المطلوب الثلثيْن. ولا ينوي المتطرفون الحفاظ على تلك الأغلبية فحسب، بل زيادتها أيضاً. ومن بين مرشحي مجلس الخبراء الذين تم حرمانهم: حسن الخميني، حفيد روح الله الخميني الراحل مؤسس الجمهورية الإسلامية والمرشد الأعلى الأول، حيث تم تنحيته لانتقاده عناصر النظام المتشددة بما في ذلك الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد انتقادًا خفيفًا. ويبعث حرمانه برسالة مفادها أنه حتى أطهر الأنساب الثورية، على حد وصف الإيرانيين، ليست كافية بالضرورة لضمان الترشح لانتخابات مجلس الخبراء. دور الإصلاحيين في طهران، لم يحصل البراغماتيون على ما يكفي من مرشحين للمنافسة على جميع المقاعد الستة عشر المتاحة. وبالتالي اضطروا، في مفارقة ساخرة، لإدراج بعض المتشددين على قائمتهم، مثل محمد علي موحدي كرماني، ممثل المرشد الأعلى السابق لفيلق الحرس الثوري الإسلامي؛ وقربان علي دري نجف آبادي، وزير الاستخبارات السابق الذي يُعتقد بمسئوليته عن سلسلة من الاغتيالات للمثقفين؛ ومحمد محمدي ريشهري، وزير آخر سابق أشرف على قتل الآلاف من السجناء السياسيين في الثمانينات. إن النظام السياسي الإيراني يشبه خيمة، عمودها المركزي الوحيد هو المرشد الأعلى. ونتيجة لذلك، لا يمكن أن يتحقق النجاح للإصلاح الذي ينشده الكثيرون داخل إيران وخارجها إلا بمبادرة أو دعم المرشد الأعلى نفسه. يقوم خامنئي بنفسه على إدارة انتخابات مجلس الخبراء بعناية، وهو ما يؤكد عدم إعطائه فرصة لمثل هذا النجاح حتى بعد وفاته. ومع رفض مجلس الخبراء أوراق الخميني الشاب، أصبح انعدام المنافسة في بعض المناطق محرجًا جدًا لدرجة أن وزارة الداخلية أعلنت أن بعض المرشحين يمكنهم الترشح في مقاطعات أخرى، حيث المنافسة أقل أو منعدمة ليجعلوا الانتخابات تبدو أكثر تنافسية. وكانت الخطوة التالية للقادة الإصلاحيين المعتدلين وحلفائهم هي تشجيع الجمهور على عدم اليأس والتصويت بأعداد كبيرة، وإعطاء الإصلاحيين والمعتدلين الأقل شهرة فرصة أفضل للفوز. ويكمن الأمل في إمكانية طرد غالبية المتشددين من مجلس الشورى، حتى يكون البرلمان القادم أكثر دعمًا لإدارة روحاني. ويأمل الإصلاحيون والمعتدلون أيضاً أن يحصل رفسنجاني وروحاني على أكبر عدد من أصوات مجلس الخبراء، وبالتالي إحراج خامنئي والدولة العميقة وأنصارهم. وفي الانتخابات الأخيرة لمجلس الخبراء في خريف عام 2006، حصل رفسنجاني على أعلى عدد من الأصوات، وشكّل ذلك هزيمة للدولة العميقة التي بذلت ما في وسعها لمنع انتخابه. ودعا أكبر غانجي، صحفي إيراني للتحقيقات الاستقصائية وداعم لحقوق الإنسان، الجمهور إلى عدم التصويت لثلاثة من رجال الدين المتشددين الرائدين الذين يحتقرهم معظم الشعب وهم: جنّتي، ومحمد يزدي، الرئيس الحالي لمجلس الخبراء، ومصباح يزدي. وسرعان ما سرت الدعوة في جميع أنحاء شبكة الإنترنت، وتبنتها المعارضة الإيرانية. في حال لم يحصل الثلاثي على ما يكفي من الأصوات من أجل انتخابهم، سيكون لدى الدولة العميقة خياران: أولًا؛ قبول النتائج، وهو ما سيشكّل هزيمة محرجة بالنسبة لهم وبالنسبة لخامنئي، وهذا الاحتمال يرعب المرشد الأعلى لدرجة اضطرته للدفاع شخصيًا عنهم في خطبه العامة. ثانيًا؛ قد تضطر الدولة العميقة، تحت ستار "المصالح الوطنية"، أن تضغط على روحاني ووزير داخليته، عبد الرضا رحماني فضلي، لارتكاب عمليات تزوير، كما حدث في الانتخابات الرئاسية عام 2009 من أجل "انتخاب" الثلاثي. وسيؤدي هذا بالتأكيد إلى خلق مواجهة خطيرة بين إدارة روحاني والدولة العميقة. تعد الانتخابات الإيرانية القادمة مجرد وجه آخر للصراع الذي طال أمده بين الدولة العميقة، التي ترغب في الحفاظ على سيطرتها على البلاد من خلال القمع والهيمنة الاقتصادية، والإصلاحيين المعتدلين والجماعات الديمقراطية الأخرى التي تحاول نقل إيران على الطريق نحو الديمقراطية. ويرى محللون إيرانيون أن نتيجة الانتخابات لن تكون مهمة لمستقبل إيران فحسب، وإنما لمستقبل الشرق الأوسط أيضاً، حيث ستعمل تلك النتائج على تعزيز إدارة روحاني المعتدلة أو تشديد قبضة الدولة العميقة على إيران. وفي الحالة الأخيرة، سيستمر القمع الداخلي، وستضعف السياسة الخارجية لروحاني. ملصق دعائي للمرشحين للانتخابات الإيرانية